ورشة في حمص تعيد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية إلى واجهة النقاش السوري

حمص – 27 أيار 2025
وسط مدينة حمص، وتحديدًا في قاعة دار الثقافة، اجتمع محامون وحقوقيون وناشطون شباب للمشاركة في ورشة تدريبية متخصصة حملت عنوانًا قد يبدو قانونيًا جافًا للوهلة الأولى:
“مدخل إلى الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان – العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية نموذجًا”.
لكن ما جرى داخل الورشة كان أبعد من عرض قانوني نظري. فقد تحوّلت الجلسات إلى مساحة مفتوحة لطرح أسئلة جوهرية:
ما علاقة السوريين بهذا العهد؟ كيف يمكن أن يخدمهم؟ ولماذا تجاهلته الدولة طوال عقود؟

منظّمون وشركاء:

نُظمت الورشة كل من رابطة الحقوقيين السوريين الأحرار (FSLA)،  مع نقابة المحامين – فرع حمص، والحركة الشبابية، كجزء من سلسلة ورشات تُقام في الداخل السوري، وتهدف إلى تمكين كوادر قانونية محلية بأدوات القانون الدولي والرقابة الأممية.
الورشة افتُتحت بمداخلة مطوّلة للمحامي عمار عز الدين ، عضو مجلس نقابة محامي حمص والذي قدّم سردًا تحليليًا لمسار سوريا مع العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية منذ انضمامها إليه عام 1969 وحتى اليوم.
استعرض عز الدين التأخر الكبير في تقديم التقارير الدورية، والتناقض بين الالتزامات الدولية والممارسات الفعلية داخل البلاد، لاسيما بعد عام 2011.
“سوريا سلّمت تقريرها الرابع متأخرة 29 سنة… وخلال ذلك، جرت أكبر انتهاكات عرفها البلد. الصمت لم يكن مجرد تقصير، بل كان سياسة ممنهجة لإبعاد الرقابة الدولية.”

بين جنيف وحمص: التقارير الموازية كسلاح قانوني

أوضح المحامي سامر الضيعي  المدير التنفيذي للرابطة ان  FSLA شاركت بشكل فعال في جلسة لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف عام 2023، ضمن الدورة 137، وقدّمت تقريرًا موازيًا للتقرير الحكومي السوري، بالشراكة مع 18 منظمة مجتمع مدني.
هذا التقرير الموازي كشف بالأدلة والشهادات طبيعة الانتهاكات الجارية، وخاصة استخدام محكمة الإرهاب كأداة سياسية لا قضائية، وقضايا الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي.
خلال الورشة، قدّم الأستاذ عمار عز الدين،رئيس لجنة العدالة الانتقالية بنقابة المحامين ، مداخلة سلطت الضوء على العلاقة بين التقارير الموازية والمسار القضائي الدولي.
قال عز الدين:
“ما قد لا يبدو مُلزِمًا اليوم، قد يُصبح غدًا مادة في ملف محكمة، أو مرجعًا في لجنة تحقيق، أو حتى سببًا في عقوبات دولية.”
أما الأستاذة أميرة الخضر، ممثلة الحركة الشبابية، فركّزت على الجانب التوعوي، مشددة على أهمية نقل المعرفة القانونية إلى الفضاء العام:
“نحن بحاجة إلى تسييس الوعي الحقوقي – لا بمعناه الحزبي، بل بمعناه المدني. أن يعرف الشباب حقوقهم، ويتحدثوا بها، ويطالبوا بها.”
تميّزت الورشة بحوارات مفتوحة بين المشاركين والمدربين. من أبرز الأسئلة التي طُرحت:
•هل فعلاً يمكن لمنظمات صغيرة التأثير على لجان الأمم المتحدة؟
•ما الفرق بين التقارير الموازية والشكاوى الفردية؟
أجمع المدربون على أن التوثيق والتقارير الموازية ليست مجرد أوراق، بل أدوات لبناء سردية قانونية بديلة عن السردية الرسمية، تشكّل ركيزة لأي مسار عدالة لاحق، سواء كان انتقاليًا أو دوليًا.

اختُتمت الورشة بتوصيات عملية، من أبرزها:

•إنشاء فرق عمل محلية لإعداد تقارير مناطقية.
•تطوير كتيب مبسّط عن آليات لجنة العهد الدولي.
•تنظيم ورشات تخصصية حول تقاطع حقوق الإنسان مع قضايا النوع الاجتماعي، والإعلام، والمساءلة الجنائية.
وأكدت رابطة الحقوقيين السوريين الأحرار استمرارها في هذه السلسلة التدريبية التي تطال مختلف المحافظات، بهدف خلق نواة حقوقية مهنية داخل سوريا، قادرة على التعامل مع المجتمع الدولي بلغته القانونية، وتمثيل صوت الضحايا بفعالية ومهنية.
Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram