المؤتمر السوري الأول للعدالة الانتقالية
“نحو خارطة طريق للعدالة والمصالحة في سوريا”
دمشق – 17 فبراير 2025
البيان الختامي
نحن، المشاركون في المؤتمر السوري الأول للعدالة الانتقالية، من ممثلي الضحايا وعائلات المفقودين، ومنظمات المجتمع المدني، والخبراء القانونيين، والقضاة، والمحامين، والحقوقيين، وممثلي الجهات الفاعلة في المجتمع السوري، اجتمعنا في دمشق يوم 17 شباط 2025 لمناقشة مسار العدالة الانتقالية في سوريا ووضع رؤية وطنية شاملة تُساهم في تحقيق العدالة والمحاسبة والمصالحة الوطنية.
يأتي هذا المؤتمر في لحظة حاسمة في تاريخ سوريا، حيث تبرز الحاجة الملحة لمعالجة الإرث الثقيل من الانتهاكات والجرائم التي وقعت خلال سنوات حكم الاستبداد للنظام البائد، وإرساء أسس دولة القانون التي تحترم كرامة جميع مواطنيها، وتؤسس لمستقبل قائم على الحقيقة والمساءلة وجبر الضرر.
خلال جلسات المؤتمر، استمعنا إلى شهادات الضحايا وذويهم، وإلى خبرات قانونيين محليين ودوليين، ونقاشات معمقة مع فاعلين من مختلف الخلفيات ومكونات الشعب السوري. وأجمعنا على أن العدالة الانتقالية ليست خيارًا، بل ضرورة لتحقيق السلام المستدام وإعادة بناء النسيج الاجتماعي.
المبادئ الأساسية التي تم التأكيد عليها:
1. كشف الحقيقة: الاعتراف بالانتهاكات والجرائم التي وقعت خلال سنوات حكم النظام البائد، وضمان الحق في معرفة الحقيقة لجميع المتضررين وأسر الضحايا.
2. المساءلة وعدم الإفلات من العقاب: ضرورة محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات الجسيمة، لضمان تحقيق العدالة ومنع تكرارها في المستقبل.
3. جبر الضرر وتعويض الضحايا وحفظ الذاكرة: تقديم التعويضات العادلة، سواء المادية والمعنوية، بما يشمل إعادة الاعتبار والاعتذار الرسمي وضمان عدم التكرار، وحفظ الذاكرة من خلال نصب تذكارية ومتاحف وطنية توثق المجازر والإبادة.
4. المصالحة الوطنية: تحقيق مصالحة قائمة على العدل، تضمن مشاركة جميع مكونات المجتمع السوري، دون إقصاء أو تهميش.
5. دولة القانون والمؤسسات: ضرورة بناء نظام قضائي مستقل، قادر على محاكمة المسؤولين عن الجرائم وضمان عدم التكرار
6. دور المجتمع المدني والمجتمع الأهلي: إشراك منظمات المجتمع المدني والضحايا في رسم وتنفيذ سياسات العدالة الانتقالية، لضمان شمولية العملية واستدامتها، وتمكينهم من ممارسة دورهم الرقابي على التنفيذ.
التوصيات والمقترحات العملية:
النص دستوريا على سن قانون العدالة الانتقالية و إحداث الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية و المؤسسات التابعة لها على أن يتضمن هذا القانون:
أولًا: في مجال كشف الحقيقة والتوثيق
1. إنشاء هيئة وطنية مستقلة للحقيقة والإنصاف، تتولى جمع وتوثيق الشهادات والوقائع المتعلقة بالانتهاكات، وتكون مرجعًا وطنيًا للمعلومات حول الجرائم التي ارتكبت خلال سنوات الثورة.
2. دعم الجهود المحلية والدولية في مجال التوثيق، والتنسيق الفعال مع الجهات الحكومية المختصة لتحقيق أهداف العدالة لتعزيز الجهود الرامية إلى جمع الأدلة وتحليلها لضمان استخدامها في المحاكمات العادلة.
3. تمكين الضحايا وعائلاتهم من الوصول إلى المعلومات، عبر منصات تواصل فعالة تتيح لهم معرفة مصير المفقودين والمختفين قسريًا.
4- إنشاء هيئة خاصة بملف المحترفين قسراً والمفقودين والمقابر الجماعية واعتبارها أولوية في ملف كشف الحقيقة، تعمل على الوصول إلى أكبر عدد ممكن من جثث الضحايا بقصد معرفة المصير وتكريم الضحايا بمراسم خاصة.
5- نعتبر حفظ الذاكرة واحدة من أدوات ضمان عدم التكرار وتتم من خلال تخليد الذكرى وإنشاء برنامج خاص لحفظ ذاكرة ينتج عنه توثيق فني وقصص ومتاحف، ونصب تذكارية.
ثانيًا: في مجال المحاسبة وضمان عدم الإفلات من العقاب
6. تفعيل آليات المحاسبة المحلية والدولية، وضمان استقلالية القضاء السوري ليكون قادرًا على محاكمة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات الجسيمة.
7. التعاون مع المحاكم الدولية المختصة، لضمان تقديم مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب إلى العدالة.
8 . لحين انشاء المحاكم الخاصة دعم القضاء القائم وفق الاختصاص النوعي والشخصي لبدء محاكمة مرتكبي الجرائم و الانتهاكات و تقديم الدعم اللازم لها.
ثالثًا: في مجال جبر الضرر وتعويض الضحايا
9. إنشاء صندوق وطني لتعويض الضحايا، يمول من الموارد الوطنية والدعم الدولي، لضمان تقديم تعويضات عادلة ومساعدات فورية للمتضررين.
10. إدماج برامج الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا، وتوفير الرعاية الصحية لضحايا التعذيب والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
11. إعادة الممتلكات المصادرة بشكل غير قانوني، وضمان حقوق المهجرين واللاجئين في العودة إلى ديارهم بأمان وكرامة.
رابعًا: في مجال المصالحة الوطنية وإعادة بناء النسيج الاجتماعي
12. إطلاق حوار وطني شامل حول المصالحة، بمشاركة مختلف مكونات المجتمع السوري، بما يضمن عدالة الانتقال إلى مستقبل مشترك.
13. تضمين برامج العدالة الانتقالية في المناهج التعليمية، لضمان توعية الأجيال القادمة بتاريخ الانتهاكات، ومنع تكرارها.
14. تعزيز دور الإعلام في نشر ثقافة العدالة الانتقالية، ومكافحة خطاب الكراهية والتحريض على العنف.
خامسًا: في مجال بناء المؤسسات وتعزيز سيادة القانون
15. إصلاح المنظومة القضائية وإعادة هيكلة المؤسسات الضابطة العدلية و ( الامنية ) ، بما يضمن استقلال القضاء واحترام حقوق الإنسان.
16. سن تشريعات وطنية متوافقة مع المعايير الدولية، لتحديد الجرائم والانتهاكات التي تخضع للمساءلة والعدالة الانتقالية.
17. إنشاء آليات رقابة مجتمعية على العملية الانتقالية، تتيح للضحايا والمجتمع المدني دورًا في متابعة تنفيذ الإصلاحات والتوصيات.
سادسًا: في مجال تعزيز دور المجتمع المدني والمجتمع الأهلي في العدالة الانتقالية
18.تأسيس الائتلاف المدني للعدالة الانتقالية، يضم ممثلي الضحايا، و منظمات المجتمع المدني، المجتمع الأهلي، والجهات الحقوقية،
الختام.:
إن العدالة الانتقالية ليست مجرد خطوة قانونية أو سياسية، بل هي مسار طويل لبناء السلام والمصالحة في سوريا. وندعو جميع الفاعلين، من السوريين والمجتمع الدولي، إلى دعم هذه الجهود لضمان تحقيق العدالة، وإنصاف الضحايا، وبناء سوريا جديدة قائمة على القانون والحقوق والمواطنة المتساوية.
ختامًا، نوجه شكرنا العميق لنقابة المحامين في الجمهورية العربية السورية ولمنظمات المجتمع المدني والأهلي ولجميع المشاركين في هذا المؤتمر، ونؤكد التزامنا بالعمل على تنفيذ هذه التوصيات بالتعاون مع جميع الجهات المعنية.
صادر عن المشاركين في المؤتمر السوري الأول للعدالة الانتقالية
دمشق – 17 فبراير 2025
لقراءة أو تحميل البيان الختامي بصيغة pdf هنا: