11 يناير 2025 – دمشق
جاء قرار وزارة الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال بإقرار التعرفة الجمركية الجديدة على البضائع المستوردة، بما فيها المواد الغذائية والتموينية ومختلف السلع المستوردة عبر المعابر الحدودية في الشمال السوري، بزيادة غير منطقية تراوحت بين خمسة أضعاف وعشرة أضعاف السعر السابق. وقد أدى هذا القرار إلى ارتفاع جنوني في الأسعار، مما دفع شركات تجارية ومحال بيع بالجملة إلى تعليق جميع عملياتها التجارية حتى إشعار آخر.
تعد هذه المعابر الشريان الأساسي الذي يغذي الشمال السوري بالمواد الغذائية والتموينية، في ظل وضع اقتصادي سيئ وضعف شديد في القوة الشرائية للمستهلك السوري. ويأتي ذلك في ظل اختلاف مستويات الدخل والعملات المتداولة بين الليرة التركية، الدولار الأمريكي، والعملة المحلية، وما يصاحب ذلك من فروقات في عمليات التصريف. يواجه السكان واقعًا صعبًا، إذ تعيش طبقة كبيرة دون خط الفقر بدخل شهري لا يتجاوز 20 دولارًا، بينما يعتمد النازحون في المخيمات على المساعدات الإنسانية والعمل اليومي لسد احتياجاتهم.
وتؤكد التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية أن 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، كما تشير تقارير اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أن أكثر من 16 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بينما يعاني أكثر من 650 ألف طفل من سوء التغذية الحاد.
بررت الحكومة السورية هذا الارتفاع بتصريح أدلى به مازن علوش، مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، نقلته وكالة الأنباء السورية “سانا”، بأن “نشرة الرسوم الجمركية تراعي حماية المنتج المحلي من خلال تشجيع الصناعة عبر تخفيض الرسوم على المواد الأولية”. وأضاف أن “النشرة الجديدة تهدف إلى دعم القطاع الصناعي وجذب الاستثمار عبر تقديم إعفاءات ورفع المستوى المعيشي للمواطنين، إضافة إلى دعم القطاعين الصناعي والزراعي”.
نحن في رابطة المحامين السوريين الأحرار، وانطلاقًا من واجبنا الأخلاقي والقانوني و الحقوقي، نصدر هذا البيان لنؤكد الآتي:
1.ندعو حكومة تصريف الأعمال إلى اعادة النظر في التعرفة الجمركية الحالية وخاصة المواد الأساسية والضرورية لحياة المواطن من هذه الزيادة، وقصر تطبيقها على المواد الصناعية والتجارية والكماليات. إن استمرار العمل بهذه التعرفة سيكون له تأثير سلبي كبير على سكان الشمال السوري، خاصة مع احتضان هذه المناطق لمئات الآلاف من النازحين الذين يعانون من ظروف معيشية قاسية.
2.تحذير من الانكماش الاقتصادي والتضخم:
القرار الحالي أدى إلى إغلاق العديد من المتاجر والشركات التجارية في منطقة سرمدا بريف إدلب، مما يعكس تأثيره السلبي المباشر على الاقتصاد المحلي. ومن المؤكد أن تداعيات هذا القرار ستنعكس بشكل أكبر على النازحين في المخيمات وسكان هذه المناطق بشكل عام.
3.ضرورة تحسين الواقع المعيشي قبل توحيد الرسوم الجمركية:
تشجيع الصناعة المحلية وتوحيد الرسوم يتطلب أولاً معالجة الأوضاع المعيشية للنازحين والسكان من خلال توفير بيئة مناسبة تدعم الصناعات المحلية وتخلق فرص عمل لهذه الفئات الاجتماعية. هذه الفرص يجب أن توفر دخلاً يكفل لهم حياة كريمة تتناسب مع التكاليف المتزايدة.
4.تشكيل لجان رقابية:
يجب تشكيل لجان رقابية مستقلة لمتابعة الأسعار في الأسواق، ومنع حالات الاحتكار والتلاعب بالأسعار من قبل التجار. يجب كذلك فرض أقصى العقوبات بحق المخالفين الذين يستغلون الأزمات لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
إن رفع التعرفة الجمركية في هذا التوقيت يعكس غياب رؤية اقتصادية شاملة تُراعي الواقع المعيشي للسكان. ندعو الحكومة إلى مراجعة هذا القرار بشكل عاجل، مع التركيز على تحسين الظروف الاقتصادية والإنسانية. إن تأجيل اتخاذ خطوات تصحيحية سيؤدي إلى تعميق الأزمة الإنسانية والاقتصادية، مما يهدد الاستقرار في مناطق واسعة من البلاد.