الوضع القانوني ومستقبل ملكية العقارات المهدمة جراء الحرب في سوريا

المحددات القانونية للأبنية الآيلة للسقوط خلال عمليات هدم الأبنية في أحياء حلب

بداية تعريف البناء الصالح للسكن هو البناء غير المعرض للانهيار ولا يشكل خطرا على شاغليه أما البناء غير الصالح للسكن فهو بناء يوجد احتمال بسبب تعرضه للقصف و تضرر جزء منه أن يكون معرض للانهيار ولا يجوز السماح بالسكن فيه مطلقا ويجب إخلاء ساكنيه فوراً بحال كان مأهولاً

ويحدد هذه الوصف من قبل مجلس المدينة بعد تشكيل لجان هندسية مهمتها الكشف على هذه المباني في تلك المناطق ومن ثم إقرار إن كانت تلك المباني صالحة للسكن أم لا بموجب تقرير كتابي يرفع لمجلس المدنية ضمن اختبارات  هندسية معينة لكل بناء على حدة تبين مدة قابلية هذا البناء للترميم و هل يوجد خطورة بعد ترميمه من تعرضه لخطر الانهيار ويسمح بعدها لصاحبه بترميمه و إشغاله و يجب أن يكون الترميم ضمن مواصفات معينة تضمن سلامة البناء ويجب الكشف عليه من قبل اللجنة بعد الانتهاء من ترمميه للتأكد من مطابقة الترميم للمواصفات المذكورة

وقد لا تثور مشكلة كبيرة بالنسبة للأبنية ضمن المخطط التنظيمي لانه يفترض قانونا  أنه تم بناؤه وفق رخصة تتضمن دراسة هندسية تراعي الشروط المطلوبة علميا لسلامة ها البناء من و جسور وأعمدة و ما على ذلك من مواصفات فنية هندسية  وتتضمن عمر البناء الافتراضي و الذي يحدد بسورية بين 50 أو 100 سنة حسب نوع البناء ومواصفاته

و تثور لمشكلة الكبرى في الأبنية خارج المخطط التنظيمي و ما يعرف بالعشوائيات و التي أصلا تم بنائها دون رخصة قانونية و بالتالي معظمها غير مطابق للمواصفات الفنية المستوجب تحقيقها لسلامة البناء  مما يشكل مشكلة كبيرة و خاصة أن معظم الأحياء التي تعرضت للقصف هي أحياء توجد فيها مناطق عشوائيات

تقع المسؤولية القانونية بكل الاحوال على مجلس المدينة فيجب عدم السماح لشاغلي هذه الأبنية بالعودة لها إلا بعد تحقيق الشروط المطلوبة المذكورة أنفا و لكن في ظل الفساد المستشري بحكومة النظام و الرشاوى و تحكم الأجهزة الأمنية بكامل عمل مؤسسات الدولة و سيطرة ما يسمى مليشيات الدفاع الوطني و الشبيحة على هذه الاحياء فهي من تسمح بعودة مالكي أو شاغلي هذه المباني بدفع لهم الرشاوى أو للجان المسؤولة دون تنفيذ الشروط الفنية المطلوبة للتأكد من سلامة البناء مما تسبب بمقتل  مدنيين أغلبهم من النساء والأطفال نتيجة انهيار عدة أبنية متضررة

الهدف من لجوء النظام لهدم منازل يملكها معارضون

يسعى النظام السوري لتحقيق هدفين من هدم المنازل وهما:

  • معاقبة السوريين الذين ثاروا ضد حكمه و القضاء على حلمهم العودة لوطنهم و لا ادل على ذلك العديد من القوانين و الممارسات التي قام بها النظام السوري خلال مدة النزاع في سورية و هي تتمثل بقانون مكافحة الإرهاب رقم /19/ لعام 2012 و الاستيلاء بموجبه على العديد من أملاك المهجرين و المعارضين  بحجة الإرهاب و الذي بتعارض مع قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري و الدستور و القانون الدولي ومن ثم القانون رقم /10/ لعام 2018 الذي يعتبر نمط من الهندسة الديموغرافية هدفها الاستيلاء على أملاك المهجرين وذلك لتطلبه موافقة امنية لكل مالك عقار لأجل الاعتراض قانونا على حقه في الملكية ويستحيل تحقيق ذلك في
  • تمويل الشبيحة و السلطات الامنية بأن يكون لهم منافع مادية بعدما فرغوا من نهب الأموال المنقولة للسوريين من تعفيش المنازل وسرقة المحلات و الشركات و توقف عجلة الحرب فلا يوجد مناطق جديدة يسيطر عليها النظام السوري لذلك كان موضوع عقارات المهجرين لقمة سائغة لرفد هذه الفئة بأموال تنهب من السوريين ليضمن استمرار ولاء هؤلاء الفئة له و خاصة في ظل عجزه على تحمل تكاليفهم المادية ولا ادل على ذلك عمليات التزوير و البيع لأملاك المهجرين و ارتباطها بشكل مباشر بالسلطات الأمنية لتابعة للنظام السوري

مستقبل حقوق الملكية بالنسبة للعقارات المهدمة التي تخص المعارضين على اعتبار أن الوضع الأمني لا يسمح لهم بالحضور شخصيا لمتابعة هذه القضية

 

يقع على عاتق مسؤولية حكومة النظام السوري وفق القانون الحفاظ على ممتلكات مواطنيها المقيمين في سوريا وخارجها سواء كانت هذه العقارات سليمة أم تضررت بشكل كلي أو تعرضت للهدم بسبب الحرب وتثور مشكلة هذه الملكيات للنسبة للعقارات المهدمة وحتى نستطيع ان نفهم مستقبل حقوق الملكية بالنسبة للعقارات المهدمة التي تخص المعارضين يجب أن نعلم ماهي القوانين التي تحكم هذه الأملاك و التي أصدرها النظام السوري في منذ بدء الثورة في سوريا و الحرب التي شنها النظام السوري على شعبه و تسبب في دمار جزء كبير من أملاك السوريين بسبب قصف النظام و العمليات العسكرية و تتلخص هذه القوانين في:

 

 قانون إزالة الأنقاض

القانون رقم 3 لعام 2018 وارتباطه بالقانون رقم /10/ لعام 2018 و التمهيد للاستيلاء على أملاك المهجرين
– صدر القانون رقم 3 الخاص بإزالة أنقاض الأبنية المتضررة نتيجة أسباب طبيعية أو غير طبيعية أو لخضوعها للقوانين التي تقضي بهدمها   ضم القانون 14 مادة تنظم آلية إزالة الأنقاض وتحديد مصير الأبنية المتضررة في سوريا سواء بترميمها وتدعيمها أو هدمها وإزالتها.

تنص المادة 4 من القانون المذكور  يصدر المحافظ قراراً بتشكيل لجنة مهمتها توصيف المباني المتضررة والتثبت من ملكيتها وملكية المقتنيات وتتألف هذه اللجنة من قاض عقاري يسميه وزير العدل ورئيس دائرة المساحة في مديرية المصالح العقارية المختصة وممثل عن الوحدة الإدارية من الفئة الاولى وخبير تقييم عقاري وممثلين اثنين عن الأهالي.

تنص المادة 5 من القانون أن تعطي لهذه اللجنة صلاحية تقدير حالة البناء “إذا كان البناء القائم سليمًا من الناحية الإنشائية أم لا” و هذا مخالف للقانون حيث أن هذه اللجنة بتشكيلها لا تملك الخبرة الفنية لمعرفة حالة البناء فقانونا يجب أن  تشكل نقابة المهندسين اللجان التي تقيّم الأبنية وتكون لجان تخصصية وتجري هذه اللجنة الاختبارات اللازمة ثم تقدم تقريرًا حول ما إذا كان هذا البناء يحتاج لتدعيم أو إزالة

كما يتيح القانون رقم /3/ للجان التي تُشكّل بموجبه تحديد ما إذا كانت العقارات بحاجة إلى ترميم أو إلى هدم وإزالة بشكل كامل وهنا الخطورة القانونية والتي تكمن في  أن  يعمل النظام السوري ضمن مخططاته لمعاقبة المهجرين والاستيلاء على أملاكهم  باستخدام هذا القانون رقم /3/ لإزالة مساحات من الأبنية بشكل كامل وإقامة مناطق تنظيمية جديدة بموجب القانون رقم 10  والذي صدر في الشهر لرابع من عام 2018 على إحداث منطقة تنظيمية ضمن المخططات التنظيمية، والمخطط العام والوحدات الإدارية لكل مدينة في سوريا و يعتبر تعزيز لسياسة المصادرات التي تنتهجها حكومة النظام السوري و تأتي ضمن خطة إعادة التنظيم في غياب المالكين الأصليين.  و يعد مكملا للقانون رقم 3 بالتخطيط للأحياء المزالة وذلك بإحداث منطقة تنظيمية جديدة و تكمن خطورة هذه القانون في عدة نقاط ترتبط بالعقارات المهدمة بشكل وثيق و ذلك من النواحي الآتية:

  • النصّ على إجراء مسح اجتماعي للسكان في المنطقة التنظيمية يعتبر هذه لنص خارج عن سياق القانون المُتعلّق بالتنظيم العمراني كونه لم يحدد عبارة مسح للمالكين أو المستأجرين و إنما جاءت عبارة السكان دون تحديد صفتهم في إشغال هذه العقارات  ولعل هذا أهمّ ما يبرّر من الناحية القانونية الصِرفة ما تم إثارته إعلامياً وسياسياً حول أن القانون رقم 10 هو نمط من الهندسة الديمغرافية. وخاصة مع تهجير غالبية سكان هذه المناطق بسبب الحرب و القصف أو بسبب الملاحقة الامنية
  • المدة الزمينة المتاحة بالتعديل الجديد و هي سنة من تاريخ نشر الإعلان عن تشكيل منطقة تنظيمية جديدة و تعتبر غير كافية خاصة في ظروف  النزوح والتهجير ووفاة بعض المالكين أو مقتلهم، والملاحقة القضائية للبعض الآخر بموجب قوانين مكافحة الإرهاب وخاصة في ظل اشتراط النظام الموافقة الامنية لإبرام أي وكالة عقارية في الخارج و بموجب التعميم الجديد رقم 30 لعام 2020 موافقة أمنية” على كل مَن يضطر لاستخراج وكالات قانونية عن الغائب أو المفقود مما يعيق لذوي الغائب او المفقود إثبات ملكية الغائب او المفقود
  •  إن كان الامر بالغ الصعوبة لإثبات ملكية العقارات في ظل ظروف التهجير و النزوح و الاعتقال وفقدان الأوراق الثبوتية بسبب ذلك في المناطق الملكية الموجودة داخل المناطق المبنية والمحددة إداريا فقط أي أنها ضمن المخطط التنظيمي للبلدية فيعد هذا الأمر شبه مستحيل في مناطق العشوائيات حيث الملكيات غير مُسجَّلة في سجل عقاري وإنما يتمّ إثباتها بطرق مختلفة (فواتير الماء والكهرباء والهاتف)، أو وثائق غير رسمية مُوقَّعة بين أطراف تداولت شراء هذه العقارات، مع بقاء ملكية العقار ومعظمها زراعي  باسم المالك الأصلي الذي قطعا قد توفي منذ زمن طويل وورثته لا يمكن تحديدهم ولهم الحق بالمطالبة بحقوقهم إضافة لحقوق واضعي اليد، أي أن الأمر يحتاج لمستويين من حصر الإرث على الأقلّ: للمالكين الأوليين أو الأصليين، وللمالكين بحكم وضع اليد  ومعروف أن هذه العمليات تستغرق وقتاً طويلاً يتجاوز عدة سنوات لإنجازها في ظل الوضع الطبيعي و تواجد جميع الأطراف ذوي المصلحة فكيف سيكون الوضع القانوني في ظل الظروف الحالية التي سببتها الحرب من غياب اصحاب الشأن بين مهجر و نازح و مفقود و معتقل و متوفى دون المقدره على حصول على شهادة وفاة فتشكِّل عملية الإثبات مُعضِلة للمالكين لا يمكن حلها ضمن هذه المعطيات و الظروف الراهنة
  •  يجب على المجتمع الدولي و المؤسسات الدولية الأممية الضغط على حكومة النظام السوري إلغاء القوانين الإشكالية التي تشكل عقبات أمام العودة للمهجرين و النازحين وقبل أن تتطرق هذه الحكومة لموضوع العقارات يجب أن تلتزم بقرار مجلس الامن 2254 لعام 2015 الذي يحدد خطوات الحل السياسي في سوريا و يتضمن الانتقال السياسي وانتخاب حكومة شرعية تمثل السوريين و من ثم تقوم هذه الحكومة بحل مشكلة العقارات المهدمة جزيئا أو كليا ضمن قوانين تراعي مصالح السوريين جميعا و ليس ما تعمل عليه حكومة النظام السوري من انتهاك لحق الملكية للمواطن السوري الذي كفله الدستور السوري و القانون الدولي و قانون حقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني و يجب على الدول المانحة والمستثمرين والوكالات الإنسانية العاملة في المناطق التي استعادت الحكومة السورية السيطرة عليها عدم منح النظام السوري و حكومته الحالية اي أموال تتعلق بإعادة الأعمار لأن هذه الاموال سوف تساهم في انتهاك حقوق الملكية للقاطنين أو النازحين وسوف تدعم الكيانات أو الجهات الفاعلة المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي  في سوريا
Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram