قامت المقررة الخاصة  للأمم المتحدة المعنية بالأثر السلبي  للتدابير القسرية الانفرادية في التمتع بحقوق الإنسان السيدة ألينا دوهان بزيارة رسمية لسوريا بتاريخ 31/تشرين الأول لعام 2022 لدراسة أثر العقوبات  الانفرادية  في التمتع بحقوق الإنسان و في الحق في التنمية في سوريا و اصدرت تقريرها  بتاريخ 3/تموز/2023 وطالبت برفع هذه العقوبات على النظام السوري معتبره الإبقاء يلى العقوبات  الانفرادية في الوضع الكارثي الراهن الذي لا يزال  يتدهور في  البلد  بمثابة جريمة ضد الإنسانية ترتكب ضد الشعب السوري كله

 

التحليل القانوني

قام  الفريق القانوني لرابطة المحامين السوريين الأحرار عند بدء زيارة المقررة إلى الجمهورية العربية السورية بإصدار دراسة قانونية  بعنوان ( مدى نزاهة النظام السوري في تدعيم الأثر السلبي للتدابير أحادية الجانب ) و حذر في هذه الدراسة أن تقرير المقررة الخاصة في حال لم يراعي نقاط عديدة وردت الدراسة على ذكرها سوف يكون غير مهني و يفتقد للمنهجية العلمية والقانونية و بعد إصدار بيانها لأولي  بعد انتهاء الزيارة قام الفريق القانوني بتحليل البيان و أصدرت رابطة المحامين السوريين الأحرار FSLA  بيان قانوني وجهنا فيه عدة نقاط  قانونية يجب على المقررة أن تراعيها عند إصدار تقريرها النهائي و لكن عمدت إلى تجاهل كل المعطيات و الحقائق الواردة في البيان و الدراسة القانونية و أصدرت تقريرها يتضمن اخطاء ومغالطات قانونية تجعل التقرير يفتقد للمهنية و الحيادية و الشفافية و النزاهة وحسن النية التي يجب أن يلتزم بها أصحاب الولاية للإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان  وتتلخص بمايلي :

مخالفة مدونة قواعد السلوك لأصحاب الولايات  في إطار الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان

 

في إصدار التقارير المتعلقة يجب على أصحاب الولايات أن  يلتزموا بقواعد  مدونة قواعد السلوك  وحيث أن السيدة الينا دوهان ذكرت  في تقريرها 14 مرة  عبارة ( معلومات مقدمة من الحكومة السورية  –  وفقا لبيانات حكومية –  ورقة مقدمة من الجمهورية العربية السورية ) واستندت للمعلومات الواردة في هذا التقرير على هذه المعلومات المقدمة من النظام السوري  بالإضافة إلى على الملحق رقم 8 بعنوان ( الدليل التعريفي بالتدابير الانفرادية المفروضة على لجمهورية العربية السورية 2020 ) المرفق بتقرير الوطني للجمهورية العربية السورية المقدم في دورة الاستعراض الدوري الشامل الدورة 40  بتاريخ 24/1/2022 فقد ورد في الملحق المذكور في الصفحات 377- 428 كافة المعلومات التي قدمتها السيدة ألينا في ببيانها دون أن تقوم بالتأكد من صحة هذه البيانات و المعلومات الواردة ضمن الملحق وهذا يشكل مخالفة جسيمة للمادة 3 الفقرة ( و ) من مدونة قواعد السلوك التي تنص حرفيا ( عدم التماس أو قبول توجيهات من أي حكومة أو فرد أو منظمة حكومية أو غير حكومية أو مجموعة ضغط أياً كانت ) و بقبولها للمعلومات المقدمة من النظام السوري دون  الإشارة أو تقديم ما يثبت انها لجأت لأهل الخبرة و الاختصاص لتحليل هذه البيانات و المعلومات و التأكد من مصداقيتها و من أثرها في تعزيز الأثر السلبي  لواقع حقوق الإنسان في سوريا وقد نصت المادة 6 الفقرة  ( أ ) من مدونة قواعد السلوك  السعي دوماً إلى تقصي الحقائق، استناداً إلى معلومات موضوعية موثوقة مستمدة من مصادر ذات صلة وجديرة بالثقة، تحققوا من صحتها حسب الأصول، إلى أبعد حدّ ممكن؛

ذكرت السيدة ألينا دوهان في الفقرة 86 من التقرير في توصيف التدابير أحادية الجانب بأنها تدابير قسرية و ذكرت حرفيا ( قد يرقى الإبقاء على العقوبات الأحادية الجانب في ظل الوضع الكارثي الراهن في سوريا والذي لا يزال يتدهور بمثابة جريمة ضد الإنسانية ترتكب ضد الشعب السوري كله ) هذا التوصيف القانوني يخالف االمادة : 7 من مدونة قواعد السلوك التي تنص ( على أصحاب الولايات أن يمارسوا مهامهم ممارسة يتقيدون فيها تقيداً دقيقاً بشروط ولاياتهم، وأن يحرصوا بوجه خاص على ألا تتجاوز توصياتهم نطاق هذه الولايات أو ولاية المجلس ذاته ) أن توصيف التدابير قسرية هذا من ضمن اختصاص المقررة أما أن توصفها بجريمة ضد الإنسانية فهذا يتجاوز الاختصاص مهنيا و تقنيا وصف التدابير بجريمة ضد الإنسانية يحتاج لعتبة اثبات عالية وفق القانون الجنائي الدولي وإن أصحاب الولايات لمجلس حقوق الإنسان ليس جهة قضائية حتى تصدر توصيف جرمي وفق القانون الحنائي الدولي و مهمتهم تنحصر في توصيف الانتهاكات لحقوق الإنسان أما الاختصاص بكون الفعل يشكل جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية ينعقد للمحاكم صاحبة الاختصاص

ذكرت المقررة في تقريرها في الفقرة 99  ( ترحب المقررة الخاصة بعمل حكومة الجمهورية العربية السورية مع النظام الدولي لحقوق الإنسان ، بما في ذلك المكلفون بولايات في إطار الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان ) وهذا مثير للسخرية وانتهاك فاضح لقواعد مدونة السلوك المادة 3 الفقرة ( د ) التركيز حصراً على تنفيذ ولايتهم، مع الحرص دوماً على مراعاة الالتزامات الأساسية بالصدق والإخلاص والاستقلال فيما يتعلق بولايتهم ما ذكرته من وصف التعاون اللنظام السوري مع هيئات حقوق الإنسان يناقض و بشكل فاضح قاعدة المعلومات و البيانات التي ينشرها مجلس حقوق الإنسان الهيئة التي تتبع لها المقررة الخاصة الينا دوهان  وسوف نسرد بالأرقام مدى تعاون النظام السوري مع هيئات مجلس حقوق الإنسان

  1. –  لجنة العهد للحقوق المدنية و السياسية تأخر برده منذ عام 2009  وتخلف عن إرسال التقرير حتى عام 2021 و اصدرنا تقريرين حقوقيين  بالاشتراك مع 19 منظمة مجتمع مدني يبين عدم امتثال النظام السوري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
  2. – لجنة العهد للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية لم يقدم النظام تقريره الواجب تقديمه منذ عام 2006
  3. – اتفاقية مناهضة التعذيب لم يقدم النظام تقريره الواجب تقديمه منذ عام  2014
  4. – اتفاقية سيداو من 2018  لم يقدم النظام تقريره الواجب تقديمه منذ عام  2018
  5. – اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لم يقدم النظام تقريره الواجب تقديمه منذ عام 2000

 

  1. – لم توجه سوريا دعوة  للإجراءات الخاصة، لكنها استقبلت خلال السنوات الماضية المقرر الخاص المعني بالغذاء ( 2011 )  المقرر الخاص المعني بالنازحين داخلياً ( 2015 ) المقرر الخاص المعني بالتدابير القسرية الانفرادية ( 2018 – 2022 المقررة ألينا دوهان ) ورفض النظام السوري زيارة كافة أصحاب الولايات التي تتعلق بأنتهاكات حقوق الإنسان و من المفارقة أن خلال عامي 2018 و 2022  اي خلال مدة
    4 سنوات سمح للمقرر الخاص بالتدابير القسرية زيارة سوريا مرتين و لم يسمح خلال 12 عاما لأي من أصحاب الولايات المتعلقة بأنتهاك حقوق الإنسان بزيارة سوريا للوقوف على الوضع الحقيقي لحقوق الإنسان بل عمد النظام السوري معتمدا بعرقلة زيارة المقرر الخاص المعني بالمياه حتى أجبر المقرر على إلغاء الزيارة لعدم تعاون النظام السوري
  2. –  أما فيما يتعلق بالمراسلات والآراء الخاصة بالإجراءات الخاصة، فقد أرسل المكلفون بالولايات الموضوعية 57 مراسلة منذ عام 2011 إلى النظام السوري وقدم النظام السوري رداً رسمياً على 21 من هذه المراسلات بينما لا يزال الباقي دون إجابة.

وقدعُقدت الدورة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل للجمهورية العربية السورية في 24 يناير 2022 . تلقى النظام السوري 276 توصية حيث تم قبول 207 توصية منها. من بين التوصيات المقبولة، 12 توصية تتعلق بالتعامل مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان بما في ذلك هيئات المعاهدات والإجراءات الخاصة.

 

 

تغافلت المقررة الخاصة في تقريرها عن ذكر دور النظام السوري في تعزيز الأثر السلبي لهذه التدابير

 

تغافلت السيدة ألينا دوهان في بيانها عن ذكر دور ومسؤولية النظام السوري في تفاقم الوضع الكارثي في سوريا وذلك بتدعيم اثر هذه التدابير أحادية الجانب فالتدابير احادية الجانب الصادرة عن الاتحاد الأوروبي تستهدف في المقام الأول الشخصيات والكيانات التي تواصل دعم وإسناد القمع والنظام السوري وتوفر لهم التمويل أو تستفيد من اقتصاد الحرب ولا تعيق وصول المساعدات الإنسانية والطبية ولكن سلوك الحكومة السورية باستغلال والتحكم والسيطرة بالمساعدات الإنسانية يزيد من معاناة السوريين و يعزز ويدعم الأثر السلبي لهذه التدابير فقد وجهت في تقريرها فقط ملاحظتين للنظام السوري في الفقرات ( 95-96  )  من التقرير و تضمنت اتخاذ النظام السوري جميع التدابير لتحقيق الحماية الاقتصادية و الاجتماعية  للسوريين وضمان وصول المساعدات الإنسانية المتاحة لجميع السوريين متجاهلة عشرات التقارير التي تؤكد دور النظام السوري في تعزيز الأثر السلبي لهذه التدابير

فساد النظام السوري ومؤسساته الحكومية والتخبط في إصدار القرارات التي تتجاهل وتزيد معاناة المواطنين السوريين ي وتنامي دور أمراء الحرب والقوى الأمنية وزعماء الميليشيات حيث صاروا يتحكمون في مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والخدمية والفساد الذي يجري بعلم الحكومة السورية وبإرادتها وربما بتوجيهات منها وتراجع مستوى الخدمات الاساسية التي تقدمها الحكومة والتخبط في إصدار القرارات بداية بفرض رسوم و ضرائب على المواطن السوري البسيط و تهرب كبار التجار والمتنفذين الذين يرتبطون بالحكومة السورية من دفع هذه الضرائب جعل خلالا واضحا في التحصيل الضريبي وملهاة فيما يتعلق بالتحصيل الضريبي بالإضافة لتعمد رفع الدعم الحكومي بشكل عشوائي دون الاستناد

التدابير القسرية لا تستهدف المساعدات الإنسانية و لكن سلوك النظام السوري باستغلال والتحكم والسيطرة بالمساعدات الإنسانية يزيد من معاناة السوريين رغم وجود استثناءات من التدابير القسرية لا تعيق وصول المساعدات الإنسانية والطبية بما ىفي ذلك الدعم الحيوي واللازم ولا تحظر العقوبات الأوروبية تصدير المواد الغذائية أو الأدوية أو المعدات الطبية. ولكن الحكومة السورية قامت باستغلال والتحكم والسيطرة بالمساعدات الإنسانية والتلاعب بالمساعدات الإنسانية في سوريا بشكل متكرر من خلال منعها عن معارضيه ومنحها لآخرين وقامت الحكومة السورية بالاستيلاء على المساعدات الإنسانية وتحويلها لصالح القوات العسكرية والميليشيات كما استعملت قضية المساعدات الإنسانية لدعم استراتيجيته العسكرية مما يؤكد أن التدابير القسرية و التي لا تعيق وصول المساعدات الإنسانية فكانت تصرفات الحكومة السورية في السيطرة على المساعدات الإنسانية اشد خطورة و اثر في زيادة معاناة السوريين و تقويض حقوق الإنسان في سورية

جميع حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة

تجاهلت السيدة ألينا دوهان في بيانها واقع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يرتكبها النظام السوري بحق السوريين و التي لا علاقة لها بالتدابير أحادية الجانب والتي لها أثر لا يقل عن أثر التدابير أحادية الجانب على حقوق الإنسان في سورية دون الإشارة لها بأي عبارة في بيانها علما أن المبدأ  الأساسي لحقوق الإنسان  أن جميع حقوق الإنسان عالمية، وغير قابلة للتجزئة، ومترابطة، ومتشابكة، ويعزز بعضها بعضاً، وأنه يتعين معاملة جميع حقوق الإنسان معاملة منصفة وعادلة، على قدم المساواة وبالقدر نفسه من الاهتمام؛ السلام والأمن والتنمية وحقوق الإنسان هي الدعائم التي تقوم عليها منظومة الأمم المتحدة وبأنها عناصر مترابطة ويعزز بعضها بعضاً؛ لذلك حتى يمكن تحقيق التمتع بحقوق الإنسان و الحق في التنمية يجب أن تكون باقي الحقوق مصانة من قبل النظام السوري ويجب مطالبة النظام السوري بوقف كافة أشكال الانتهاكات الجسيمة  لحقوق الإنسان في سوريا

 

التوصيات


نطلب من مجلس حقوق الإنسان مراجعة تقرير المقررة الخاصة  للأمم المتحدة المعنية بالأثر السلبي  للتدابير القسرية الانفرادية في التمتع بحقوق الإنسان السيدة ألينا دوهان وفق مدونة قواعد السلوك لأصحاب الولايات  في إطار الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان ومراجعة وتقيم  كافة التقارير و المعلومات التي قدمت من النظام السوري و التي استندت عليها في تقريرها دون اللجوء لأهل الخبرة وشطب كافة الفقرات التي تخالف هذه قواعد المهنية و الحيادية و الشفافية و النزاهة وحسن النية  وخاصة فيما بتعلق بتعاون النظام السوري مع هيئات حقوق الإنسان

نحذر مجلس حقوق الإنسان أن إصدار مثل هذا  التقرير الذي يفتقد للمهنية و الحيادية  و يتملق النظام السوري بالتعمد في تشويه الحقائق سوف يخالف مبادئ مجلس حقوق الإنسان الإرشادية  في عمله و التي تتلخص بمبادئ العالمية والحياد والموضوعية واللاانتقائية، وبالحوار والتعاون الدوليين البناءين، بهدف النهوض بتعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الحق في التنمية”؛

نطالب الدول الفاعلة في الملف السوري برفض ما ورد في هذا التقرير لافتقاده للمهنية و الحيادية و الشفافية و النزاهة وحسن النية

نحذر المجتمع الدولي أن رقع التدابير أحادية الجانب  في ظل وجود النظام السوري الحالي و ما يرتكبنه من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وسيطرته و استيلاءه على المساعدات الإنسانية و تحويلها  لسلاح ضد لشعب السوري وحرمان المعارضين له منها سوف يقوض العملية السياسية ويؤدي إلى تعطيل قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015 و استمرار معاناة السوريين و أطالة أمد النزاع في سورية لذلك يجب أن يكون رفع هذه التدابير رهن التزام الحكومة السورية بتطبيق قرارات مجلس الامن فلا حل في سوريا دون تحقيق هذا البند بالتوافق على دستور يمثل السوريين جميعا تكون مبادئ حقوق الإنسان جزءا أصيلاً منه تحترم وتصان فيه حرية و كرامة المواطنين السوريين ويشكل العقد الاجتماعي الذي سوف يتوافق عليه السوريين لبناء سورية المستقبل لكل السوريين و تحقيق السلام الدائم