اضطر السيد  بيدرو أروجو أغودو  المقرر الخاص المعني بالحق في المياه وخدمات الصرف الصحي إلى إلغاء زيارته إلى الجمهورية العربية السورية والتي كان من المقرر أن تبدأ بتاريخ 9 تموز / يوليو بسبب عدم تعاون النظام السوري الكامل فقد ذكر في بيان صحفي صدر بتاريخ 11/7/2023 أنه تلقى المقرر الخاص دعوة للزيارة من الحكومة السورية. تم تحديد الموعد الأصلي للزيارة بتاريخ أبريل 2023 ومن ثم تم تأجيل الموعد إلى 9-20 تموز / يوليو لإتاحة المزيد من الوقت للوصول إلى جدول أعمال متفق عليه ولكن النظام السوري لم تقدم المعلومات أو تقوم بالخطوات اللازمة لإتمام هذه الزيارة”. وقد أظهر هذا قلة حسن النية لتسهيل هذه الزيارة التي كان من المفترض أن تبدأ يوم الأحد.” وقال “أشعر بخيبة الأمل ولكنني مضطر لإلغاء الزيارة”

تاريخ وسلوك النظام السوري في تعامله مع هيئات مجلس حقوق الإنسان

الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان: لم يوجه النظام السوري دعوة دائمة للإجراءات الخاصة ، لكنها استقبل خلال السنوات الماضية منذ عام 2011 المقرر الخاص المعني بالغذاء في عام  2011 ، المقرر الخاص المعني بالنازحين داخلياً في عام 2015  ، المقرر الخاص المعني بالتدابير القسرية الانفرادية في كل من عامي 2018 و 2022 وكانت هذه أول دعوة وجهها النظام السوري إلى المقرر الخاص المعني بالحق في المياه والصرف الصحي والتي كانت مخطط لها التواريخ المقترحة بين ( 9- 20 تموز/يوليو 2023 .)
أما فيما يتعلق بالمراسلات والآراء الخاصة بالإجراءات الخاصة، فقد أرسل المكلفون بالولايات الموضوعية 57 مراسلة منذ عام 2011 إلى النظام السوري وقدم النظام السوري رداً رسمياً على 21 من هذه المراسلات بينما لا يزال الباقي دون إجابة.

• الاستعراض الدوري الشامل: وقدعُقدت الدورة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل للجمهورية العربية السورية في 24 يناير 2022 . تلقى النظام السوري 276 توصية حيث تم قبول 207 توصية منها. من بين التوصيات المقبولة، 12 توصية تتعلق بالتعامل مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان بما في ذلك هيئات المعاهدات والإجراءات الخاصة.

 • معاهدات حقوق الإنسان الاساسية: صادق النظام السوري على ثماني معاهدات لحقوق الإنسان الأساسية من أصل 9 معاهدات المعاهدة الوحيدة التي لا تكون الجمهورية العربية السورية طرفًا فيها هي الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
وفيما يتعلق بتقديم التقارير لهيئات المعاهدات، لم يقدم النظام السوري التقرير الدوري عن خمس معاهدات طرف فيها وهي الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري منذ عام 2000 ، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية منذ عام 2006 ، اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة منذ عام 2014 ، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري منذ عام 2018 ، اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة منذ عام 2011

التحليل القانوني لسلوك النظام السوري

من خلال استعراضنا لسلوك لنظام السوري في تعاطيه مع هيئات مجلس حقوق الإنسان يتضح جليا أن النظام السوري غير مكترث أو مبالي بأهمية التعاطي والعمل مع هذه الهيئات لتحسين واقع حقوق الإنسان في سورية و عمل جاهدا خلال السنوات السابقة في العمل على الترويج لرواية نسجها في خياله بعمله على تحسين واقع حقوق الإنسان في سوريا وصدرتها أجهزته في وزارة الخارجية و ممثليه في الهيئات الأممية بدعم من الدول المساندة له في استمراره في انتهاك حقوق الإنسان بحق السوريين وذلك دون معطيات أو اتخاذ ما يلزم من خطوات سالكة لضمان الالتزام بالمراعاة و الحماية و الإعمال لهذه الحقوق بل قام بانتهاك هذه الحقوق وقد وجهت له عدة تقارير هيئات مجلس حقوق الإنسان منها مراسلة المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين بعنوان نظام القضاء في سورية غير مستقل ومحاكمات غير عادلة للشعب السوري تقريرين مشتركين من 19 منظمة غير حكومية حول امتثال النظام السوري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وقرار مجلس حقوق الإنسان يتبنى تقرير لجنة التحقيق الدولية ويدين الانتهاكات الجسيمة للنظام السوري

بالإضافة لما ذكر سابقا  نرى أن النظام السوري يتعامل مع هيئات مجلس حقوق الإنسان بمزاجية التي تتوافق مع مصالحه لسياسية فمنذ عام 2011 لم يعطي النظام السوري موافقة لأي من المقرر الخاص بالتعذيب أو الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري أو افريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي وغيرهم من الولايات التي تختص في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان علما أنه وافق على زيارة المقرر الخاص بالتدابير القسرية إلى الجمهورية العربية السورية في كل من عامي 2018 و  2022 كون هذه الزيارة تصب في مصالحه في الترويج لرفع العقوبات عنه وقد صدر التقرير منحاز بشكل فاضح وأصدرت  FSLAبيان قانوني ردا على البيان الذي أصدرته المقررة الخاصة بالتدابير القسرية السيدة “ألينا دوهان “عقب انتهاء زيارتها إلى سوريا

وبعودتنا إلى ما حدث في الزيارة المقرر الخص بالمياه الذي يستمد ولايته من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اي لا تتطرق للمسؤولية الجزائية و إنما المسؤولية المدنية للدولة و لكن رغم ذلك لم يلتزم النظام السوري بهذه الزيارة حيث الشروط المرجعيّة ومدوّنة السلوك للإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان”.

بموجب هذه الشروط المرجعيّة، عندما تدعو الحكومات مقررين خاصين من الأمم المتحدة للزيارة، يتعيّن على هذه الحكومات ضمان وتسهيل حريتهم في اختيار من سيلتقون وأين سيسافرون  وهذا شكل هاجس أن هذا لدى النظام السوري أن هذا المقرر سوف يشاهد الدمار الوحشي الذي خلفته آلة النظام العسكرية ويلتقي بأشخاص قد تسر له بحقيقة الواقع وما أرتكب النظام من انتهاكات و سوف ترسخ الحقائق أن هذا النظام هو من سبب المعاناة للسوريين و مستمر في زيادة هذه المعاناة بحسب تقرير لموقع “world politics review نقلا عن بيانات الأمم المتحدة أن حوالى 15.5 مليون سوري، أكثر من90  بالمائة من السكان، يفتقرون إلى مصادر مياه الشرب الآمنة، ما يزيد من مخاطر الأمراض المنقولة بالمياه والأمراض المعدية  وفي هذا السياق أشار التقرير “سكان سوريا يواجهون مخاطر عدة، من مصادر المياه الملوثة والتلوث والمواد الكيميائية السامة وصولا إلى فقدان التنوع البيولوجي والتربة المتدهورة”.

لفت التقرير إلى ما وصفه بتسليح المياه، قائلا: “الجهات الحكومية وغير الحكومية حاولتا اكتساب ميزة عسكرية من خلال استهداف الخزانات ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، أو عن طريق تحويل موارد المياه أو تكديسها”.

 

النظام السوري يستخدم المياه كسلاح حرب ضد المدنين

وجه المقرر الخاص المعني بالمياه منذ عام 2011 بالاشتراك مع أصحاب الولايات الأخرى
5 مراسلات  للنظام السوري وقدم النظام السوري رداً رسمياً على 3 من هذه المراسلات بينما لا يزال الباقي دون إجابة.
بالرغم أن النظام السوري قد حصل على تمويل أوروبي ضمن مشاريع “التعافي المبكر” و”استثمار القدرة على الصمود”، والتي تهدف إلى الاستجابة للاحتياجات الإنسانية و”تجنب المزيد من التدهور”، خاصة ضمن قطاعي الكهرباء والمياه فقد صرح رئيس البعثة الأوربية لسوريا دان ستوينيسكو، قال في تغريده عبر حسابه في “تويتر” إنه أجرى زيارة إلى محطة مياه الخفسة في حلب، باعتبارها جزء من شبكة مياه الشرب الأوسع في سورية وأضاف أن المحطة تؤمن المياه لـ 3.2 مليون نسمة، مشيراً إلى أن إعادة تأهيلها كان جزءاً من مشروع رعاه الاتحاد الأوروبي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، للاستثمار في البنية التحتية الضرورية للمياه في سورية  إلا أن النظام السوري يحرم السوريين من مياه الخفسة يقطع النظام السوري مياه محطة الخفسة عن المناطق الخارجة عن سيطرته، والتي تعاني من نقص في المياه وجفاف الآبار، خاصة في فصل الصيف، وعلى رأسها منطقة الباب و ماحولها، الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة.

ومنذ سيطرة النظام على المحطة توقف ضخ المياه عن منطقة الباب المكتظة سكانياً، ولاسيما أن آلية تغذيتها سابقاً اعتمدت على المياه من نهر الفرات عبر محطة ضخ موجودة في منطقة عين البيضا قرب مطار كويرس، والتي تغذيها بدورها محطة الخفسة مما جعل النظام يماطل في زيارة المقرر الخاص المعني بالمياه خشية كشف هذه الوقائع كون حسب مدون السلوك و المرجعية سيكون له حرية التنقل وسوف تتكشف هذه الحقائق التي يعمل النظام جاهدا على إخفائها كي يستغل دعم مشاريع التعافي المبكر لتقوية نفوذه و إضعاف معارضيه

واهم من يعتقد أن  سلوك النظام السوري سوف يتحسن

من خلال ما ورد ذكره سابقا نرى أن النظام السوري و من خلال تعامله مع هيئات مجلس حقوق الإنسان يخشى زيارة ممثلي هذه الهيئات كي لا تكشف الحقائق الصادمة التي تؤكد أن هذا النظام مستمر في انتهاك حقوق السوريين و هو سبب معاناتهم الإنسانية و الاقتصادية و هنا يثار طرح أسئلة محقة و مشروعة:

  1. إن كان هذا هو سلوك النظام في التعامل النظام مع المقرر الخاص بالمياه فكيف سيسمح لأصحاب الولايات المرتبطة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان كالتعذيب و الاعتقال التعسفي و الإخفاء القسري ؟
  2.  كيف سيتمكن المجتمع الدولي في تنفيذ قرار الجمعية العامة القاضي بإنشاء مؤسسة مستقلة معنية بالمفقودين في الجمهورية العربية السورية و جعل النظام السوري يتعاون معها للكشف عن مصير المختفين قسرا و المعتقلين تعسفا في معتقلات النظام السوري وكيف سيوافق النظام السوري لهيئات حقوق الإنسان ذات الصلة في البحث في هذه الانتهاكات ؟
  3. كيف سيتعاون النظام السوري في استقلال القضاء وتعديل و إلغاء التشريعات و القوانين و التعاميم التي تعمل على ترسيخ انتهاك حقوق الإنسان ؟
  4. كيف حظى هذا النظام باحتضان العرب ولم يقدم أي خطوات ملموسة حتى الآن تجاه الإصلاح السياسي ولا محاسبة جرائم الحرب ، ولا يحاول إعادة ملايين الاجئين السوريين إلى وطنهم بعدما هجرتهم مدافعه و طائرته وجرائمه بحقهم بل عزز حكمه الكلِبتوقراطية أو حُكم اللصوص للاستيلاء على ثروات الشعب السوري بتمكين متنفذي و تجار الحرب باختلاس أو سرقة الأموال و عمل على بيع أصول الدولة السورية ورهن مقدرات البلاد إلى روسيا و إيران كجزء من سداد فاتورة تكاليف حربه على الشعب السوري ليظل حاكما على رقاب السوريين وسلوكه يستمر في سياسته الممنهجة في دمار سوريا سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا.

هذه الاسئلة تتخلص إجابتها في طبيعة تركيبة هذا النظام وطريقة إدارته لشؤون البلد وجميع مؤسساته و التي تتحكم أجهزته الأمنية بكل مفاصل الدولة و سيطرتها على السلطة التشريعية و القضائية مما يجعل زيارة المقرر الخاص بالمياه تشكل قلق بالغ يجعل هذا النظام يماطل و يسوف حتى لا تتم هذه الزيارة أو غيرها من الزيارات التي إن حصلت أو لم تحصل سوف تؤكد حقيقة راسخة ما عرفه و أيقنه العالم أجمع عن إجرام ووحشية هذا النظام واستحالة تأهليه دوليا ضمن هذه المنظومة لذلك يجب العمل جديا من الدول الفاعلة في الملف السوري على تنفيذ القرار /2254/ لعام 2015 الصادر عن مجلس الأمن بتحقيق الانتقال السياسي الفعلي الذي سعى له السوريين منذ انتفاضتهم ضد هذا النظام ومنظومته التي حكمت سوريا لأكثر من 50 عاما بالحديد و النار وقدموا كل انواع التضحيات لتحقيق هذا الهدف فلا حل في سوريا دون تحقيق هذا البند بالتوافق على دستور يمثل السوريين جميعا تكون مبادئ حقوق الإنسان جزءًا أصيلًا منه تحترم وتصان فيه حرية و كرامة المواطن السوري والسماح بتفعيل دور هيئات مجلس حقوق الإنسان لتحسين واقع حقوق الإنسان في سوريا  و تحقيق العدالة الانتقالية و تشكيل العقد الاجتماعي الذي سوف يتوافق عليه السوريين لبناء سورية المستقبل لكل السوريين و تحقيق السلام الدائم