في الذكرى الـ 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان بريطانيا تفرض عقوبات على مسؤولين في النظام السوري و النظام يلجأ للقضاء لرفع هذه العقوبات

من شملت قائمة العقوبات الجديدة

أعلنت الحكومة البريطانية في بيان إجراءات منسقة ضد منتهكي حقوق الإنسان وشركاء الحكومات الاستبدادية في جميع أنحاء العالم، في ذكرى 75 عامًا من التصديق على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقال وزير الخارجية ديفيد كاميرون  لن نتسامح مع المجرمين والأنظمة القمعية التي تدوس على الحقوق والحريات الأساسية للناس العاديين في جميع أنحاء العالم وستواصل المملكة المتحدة وحلفاؤها ملاحقة أولئك الذين يحرمون الناس من حريتهم بلا هواد ومن ضمن هذه العقوبات كان للنظام السوري نصيب كونه أصبح يعتبر من الأنظمة التي يسومها الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان فتم فرض عقوبات على 8 أفراد من النظام السوري بتهمة التواطؤ في الأعمال الوحشية ضد الشعب السوري وهؤلاء الأفراد هم:

اللواء محمد كنجو 

شغل منصب قاضي الفرد العسكري الثاني في مدينة  حلب و من ثم مستشاراً في محكمة الجنايات العسكرية في دمشق ومن ثم رئيس النيابة العامة العسكرية في دمشق و النائب العام في لغرفة الأولى لمحكمة الميدان العسكرية  في عام 2013 رُفِّع محمد كنجو إلى رتبة لواء و اصبح رئيساً لمحكمة الميدان العسكرية وفي عام 2017 عين مدير إدارة القضاء العسكري حتى شهر يناير عام 2023 تم إقالته من منصبه و تعين نائبه اللواء القاضي “يزن الحمصي مدير إدارة القضاء العسكري خلال تدرجه في مناصب عمل على  محاكمة عدد كبير من المدنيين المعتقلين، بالإضافة إلى معتقلين من الضباط وصف الضباط والجنود بتهمة محاولة الانشقاق عن الجيش أو حتى نتيجة الانتماء المذهبي، ويعتبر المسؤول الأول عن إصدار آلاف أحكام الاعدام والسجن المؤيد أو السجن السنوات طويلة بحق المعتقلين.

اللواء يزن الحمصي

شغل منصب نائب مدير إدارة القضاء العسكري برتبة عميد و من ثم رُفِّع لرتبة لواء وتم تعينه مدير إدارة القضاء العسكري في عام 2023  خلفا للواء محمد كنجو يُنسب إليه ارتكاب جرائم بحق مدنيين وعسكريين بعد اندلاع الثورة السورية ويعد أحد المسؤولين عن مقتل العديد من الناشطين والمعارضين للنظام السوري

أحمد محمد بوسته جي عضو مجلس الشعب التابع للنظام السوري ووزير الدولة في حكومة النظام السوري  منذ آذار 2023

 

التحليل القانوني لأثر هذه العقوبات و محاولات النظام للتهرب منها

لطالما شكّلت العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد الأوروبي و الدول الغربية عقبة رئيسية أمام جهود إعادة تأهيل النظام السوري و المضي في مسارات التطبيع التي تسعها لها بعض الدول وتجفيف لمصادر تمويل آلاته الحربية ضد الشعب السوري وقد اصدرت FSLA دراسة قانونية العقوبات الاقتصادية لا تستهدف المساعدات الإنسانية و إنما تستهدف في المقام الأول كيانات ومؤسسات حكومية وأمنية واقتصادية بالإضافة إلى شخصيات حكومية ورجال أعمال وهذه الكيانات التي تواصل دعم وإسناد القمع الذي يمارسه النظام السوري والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد السوريين و الكيانات والأفراد التي توفر التمويل للنظام السوري ويدعمونه في حربه على الشعب السوري أو الكيانات و الأفراد التي تستفيد من اقتصاد الحرب في زيادة معاناة ومأساة السوريين

ولطالما يتذرع النظام السوري بأن هذه العقوبات هي سبب منع الحكومة السورية من تحقيق تقدم كبير في مجال حماية حقوق الإنسان في سورية فقد قدمت الحكومة السورية تقريرها الوطني في جلسة الاستعراض الدوري الشامل في دورته الثالثة أمام مجلس حقوق الإنسان و جاء في التقرير إشارة من النظام السوري إلى أنه رغم التقدم المحرز في حماية حقوق الإنسان في سوريا إلا أن الحكومة السورية  تواجه تحديات استثنائية خارجية من أهمها الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سوريا

وقد سعى النظام السوري بكافة الطرق أما للتحايل بأتباع تكتيكات التهرب من العقوبات على هذه العقوبات أو بأتباع أسلوب للتأثير على قرارات الحكومات الغربية والضغط لرفع العقوبات وقد باءت كل المحاولات بالفشل وذلك لكم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي مارسها مسبقا ولازال يرتكبها والكم الهائل لتقارير هيئات مجلس حقوق الإنسان التي ترسخ هذه الحقيقة وجاءت هذه العقوبات كرد حاسم من الحكومة البريطانية بأن النظام السوري مازال يتبع نفس النهج القبيح في الاستمرار بممارسة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سوريا

استراتجية اللجوء للقضاء مستندا على تقرير مقررة التدابير القسرية للأمم المتحدة

مؤخرا لجأ النظام السوري لإستراتجية مختلفة وذلك في اللجوء لقضاء هذه البلدان  للحصول على أحكام قضائية برفع هذه العقوبات مستغلا الديمقراطية و استقلال القضاء في هذه البلدان في محاولته للطعن بقرار الحكومات بوضع العقوبات على النظام السوري و أن أثر هذه العقوبات على السوريين في تدهور الوضع الإنساني و الصحي و الاقتصادي في البلاد في خطة تحمل الكثير من الخبث وبدء بتنفيذها منذ عام 2018 عندما دعى النظام السوري المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالأثر السلبي  للتدابير القسرية الانفرادية في التمتع بحقوق الإنسان إلى زيارة سورية

و اصدر تقريره بأثر هذه العقوبات و لكن هذا التقرير رغم  تحيزه الفاضح ومحاباته للنظام السوري لم يكن كافيا التأثير على قرارات الحكومات الغربية والضغط لرفع العقوبات فقام في عام 2022 بدعوة السيدة ألينا دوهان المقررة الخاص للأمم المتحدة المعني بالأثر السلبي  للتدابير القسرية الانفرادية في التمتع بحقوق الإنسان إلى زيارة سورية و اصدرت تقريرها  بتاريخ 3/ تموز/2023 وطالبت برفع هذه العقوبات على النظام السوري معتبره الإبقاء يلى العقوبات  الانفرادية في الوضع الكارثي الراهن الذي لا يزال  يتدهور في البلد بمثابة جريمة ضد الإنسانية ترتكب ضد الشعب السوري كله فاستخدم النظام السوري هذا التقرير باللجوء إلى المحكمة الإدارية لرفع دعوى للطعن بقرار وزير الدولة لشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية بالإبقاء على لوائح العقوبات الخاصة بسوريا رقم  SI 2019 No.792  لعام 2019 وعدم إلغائها.

معتمدا على شبكات تضم محامين من ذوي الخبرة في القانون الدولي وقضايا العقوبات ومؤيدين للنظام السوري مقيمون في بريطانيا ولوبي من السياسيين ورجال الدين والصحفيين البريطانيين المؤيدين للنظام السوري وهم اتخذون صفة الإدعاء وهم الدكتور عماد نعساني والدكتور محمد بشير والسيد جعفر مصطفى ويتولى تمثيلهم المحامي عبد الحق العاني بتكليف من المحامي مالكولم بيردلينج  بأن هذه العقوبات تشكل انتهاكات لحقوقهم المنصوص عليها في المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والمادة 1 البروتوكول الأول للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بتحويل الأموال، فقد أدعوا إلى عدم القدرة على أن يحولوا الأموال إلى سوريا  إلى حقوق الملكية الخاصة بهم في المادة 1 من البروتوكول المطالبون موجودون في المملكة المتحدة.

ويقولون إنه ليس لديهم أي وسيلة لإرسال أي تحويلات من هنا إلى أفراد أسرهم في سوريا أو تلقي أي تحويلات ولا توجد وسيلة لإرسال أي خطاب أو طرد أيضًا
ويجادلون بإدعائهم بأنه يجب رفع كامل العقوبات عن النظام السوري وينسبون هذا الأثر في شهادتهم إلى البيان التي أصدرته المقررة  لتقرير للمقررة الخاصة للأمم المتحدة ألينا دوهان عند زيارتها لسوريا في الفترة من 30 تشرين الأول/أكتوبر إلى 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2022  وذكرت فيه ( وإذ ندرك أن التدابير القسرية الانفرادية التي تتخذ شكل عقوبات اقتصادية يمكن أن يكون لها آثار بعيدة المدى على حقوق الإنسان لعامة السكان في الدول المستهدفة مما يؤثر بشكل غير متناسب على الفقراء والطبقات الأكثر ضعف )

وضمت قائمة الشهود في الدعوى

قد صدر قرار المحكمة الإدارية طلب الإذن بالتقدم بطلب المراجعة القضائية وفق البنود التالية

فاعلية العقوبات على اسقاط الانظمة وأضرارها على المجتمع و السكان

تقييم تأثير العقوبات على سوريا، من الضروري التركيز على خسائرها الاقتصادية والإنسانية العميقة على المدنيين، وخاصة الضعفاء. تؤثر هذه العقوبات، مع استهداف النظام، عن غير قصد على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى مراجعة تتمحور حول حقوق الإنسان لعواقبها الأوسع نطاقا.

بشكل حاسم، يجب الاعتراف بدور نظام الأسد في استغلال هذه العقوبات لإخفاء انتهاكاته الواسعة النطاق لحقوق الإنسان واستخدام الموارد الاقتصادية لتمويل العمليات العسكرية. هذا السلوك يعقد السرد حول العقوبات، مما يطمس الخطوط بين أهدافها السياسية المقصودة والواقع الفعلي على أرض الواقع.

الأسس القانونية للعقوبات، التي تنطوي على سيادة الدولة والفروق الدقيقة بين النهج الأحادية والمتعددة الأطراف، معقدة. من الضروري وجود فهم مفصل لهذا الإطار القانوني، خاصة في سياق دعم حقوق الإنسان مع احترام الولايات القضائية الوطنية. علاوة على ذلك، تؤثر الديناميات الجيوسياسية المحيطة بالأزمة السورية بشكل كبير على فعالية هذه العقوبات. إن أدوار القوى العالمية والإقليمية في تشكيل هذه العقوبات لها آثار بعيدة المدى على كل من الاستقرار الإقليمي والدبلوماسية الدولية.

يعد عدم الاعتراف بمنظور النظام السوري بشأن العقوبات أمرا بالغ الأهمية لإجراء تحليل شامل، على الرغم من الطبيعة المثيرة للجدل لموقفهم. يتضمن ذلك فهم ادعاءاتهم حول تأثير العقوبات على السكان على نطاق أوسع

باختصار يعد النهج الذي يركز على حقوق الإنسان أمرا حيويا في تقييم فعالية وعواقب العقوبات في سوريا، مما يضمن ألا تكون استجاباتنا أخلاقية فحسب، بل فعالة أيضا في مواجهة التحديات المعقدة للوضع السوري.

للإطلاع على مزيد من التفاصيل أصدرت FSLA دراسة قانونية بعنوان مدى نزاهة النظام السوري في تدعيم الاثر السلبي للتدابير القسرية في سوريا تفند بشكل قانوني مدى قانونية التدابير القسرية أحادية الجانب وفق القانون الدولي ومدى نزاهة النظام السوري في تعامله مع واقع فرض التدابير القسرية على سوريا و أن التدابير القسرية لا تستهدف المساعدات الإنسانية و لكن سلوك النظام السوري باستغلال والتحكم والسيطرة بالمساعدات الإنسانية يزيد من معاناة السوريين

التحليل القانوني لقرار المحكمة الإدارية

  1. قبول المراجعة القضائية: يفتح قرار قبول المراجعة القضائية، حتى لو اقتصر على تفاصيل الفقرة 16، الباب أمام النظام السوري للسعي إلى إجراء مراجعات قضائية أوسع نطاقا، سواء جغرافيا داخل المملكة المتحدة أو عبر الاتحاد الأوروبي، ومن حيث نطاق العقوبات.
  2. دور تقارير مجلس حقوق الإنسان: أهمية تقارير مجلس حقوق الإنسان في تكوين الآراء القانونية في البلدان الأوروبية ملحوظة. غالبا ما يعتمد القضاة في المحاكم على هذه التقارير عند قبول الدعاوى القضائية واتخاذ القرارات القضائية.
  3. مساهمة منظمات المجتمع المدني السورية: عمل منظمات المجتمع المدني السورية في التعاون مع مجلس حقوق الإنسان، وخاصة إجراءاته الخاصة، أمر بالغ الأهمية. إنهم يساهمون في الإبلاغ الموضوعي والدراسات القانونية، وفضح الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يقوم بها النظام السوري.
  4. تحدي التقارير المتحيزة: تلعب منظمات المجتمع المدني السوري دورا حاسما في الطعن في التقارير التي تظهر التحيز تجاه النظام السوري. تحدي FSLA لتقرير ألينا دوهان، المقررة الخاصة المعنية بالتأثير السلبي للتدابير القسرية الانفرادية على التمتع بحقوق الإنسان، هو مثال على ذلك. إنها تقدم تحليلات قانونية حاسمة تساعد في تشكيل قرارات الهيئات والمحاكم الدولية، مما يدل على الافتقار إلى الاحتراف والحياد في مثل هذه التقارير.

من المفارقات أن النظام السوري، الذي ليس لديه تاريخ من الطعن في قرارات وزاراته بسبب سيطرة مجلس الدولة من قبل مجلس الوزراء، يلجأ إلى هيئات قضائية مستقلة في البلدان الديمقراطية. يؤكد هذا الإجراء، حيث يرتدي الديكتاتور نفسه تحت ستار الديمقراطية، استخدام النظام الماكر للعمليات القانونية الديمقراطية.

و على الرغم من أن الحكم لا يلبي تماما تطلعات النظام السوري، إلا أنه يعكس الجهود المستمرة لإنشاء شبكات ودعم جماعات الضغط في المملكة المتحدة، مما يتكبد تكاليف مالية وقانونية كبيرة. تدل هذه الخطوة الاستراتيجية على العديد من الآثار وتعكس قدرة النظام على التكيف ومثابرته في استخدام كل وسيلة متاحة للطعن في العقوبات والقرارات القانونية دوليا.

 

اترك تعليقاً