يعتبر المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين هو أحد الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان ويعتبر من أحد الآليات المكلفة لتوثيق أنماط الانتهاكات والوضع العام لحقوق الإنسان في بلد معين و لفت انتباه المجتمع الدولي له وللمساهمة في ظهور وتفسير معايير حقوق الإنسان.
تم إنشاء ولاية المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين بموجب قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 1994/41 بسبب ما يتعرّض له بشكل متزايد القضاة والمحامون و موظفي القضاء من ضروب النيل من استقلاليتهم والعلاقة القائمة بين تآكل ضمانات القضاء والمحامين وجسامة انتهاكات حقوق الإنسان وتواترها
و تتلخص مهام المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين بموجب ولايته
- تحديد السبل والوسائل لتحسين النظام القضائي وتقديم توصيات محددة في هذا الشأن
- يتخذ المقرّر الخاص ما يلزم من التدابير بناءً على المعلومات المقدمة إليه في ما يتعلق بالانتهاكات المزعومة لاستقلال ونزاهة القضاء واستقلال المهنة القانونية عن طريق إرسال نداءات عاجلة وبلاغات إلى الحكومات المعنية لتوضيح هذه المعلومات و/أو لفت الانتباه إليها. الشكاوى الفردية. تُنشر الرسائل التي يرسلها المقرر الخاص من نداءات عاجلة وبلاغات على حدّ سواء في التقرير اللاحق المتعلق بالرسائل الصادرة على موقع الإجراءات الخاصة
- يقدم المقرر الخاص تقارير سنوية إلى مجلس حقوق الإنسان خلال دورته المنعقدة في حزيران/ يونيو وإلى الجمعية العامة مسلّطًا الضوء على القضايا أو مجالات الاهتمام البارزة المتعلقة بالولاية التقارير السنوية.
- عيّن مجلس حقوق الإنسان في تشرين الأوّل/ أكتوبر 2022 السيدة مارغريت ساترثوايت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين منصب المقرر الخاص في الوقت الحالي خلفا للسيد ديغو غارسيا سايان الذي عين بتاريخ كانون الأول/ ديسمبر 2016 وهو من قام بإرسال المراسلة موضوع المذكرة القانونية.
مراسلة المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين الموجهة للنظام السوري
بتاريخ 24/10/2022 تم إرسال بلاغ للنظام السوري بموضوع : معلومات عن هيكلية القضاء لا تضمن استقلاليته والحق في ضمانات المحاكمة العادلة وحدد الضحايا المقصودين بالبلاغ الشعب السوري و حدد موقع الانتهاك جميع مدن سوريا وحددت الفترة الزمنية من تاريخ : 2012 حتى تاريخه
حيث أن المقرر الخاص لا ينشر المراسلة إلا بعد رد الحكومة او مضي مدة 60 يوم من تاريخ إرسال المراسلة في حال عدم رد الحكومة فقام النظام السوري بالرد ( ولكن الرد لم ينزل على موقع الإجراءات الخاصة بسبب أنه في الترجمة) فقام المقرر بنشر المراسلة بتاريخ 22/12/2022 على موقع الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان.
المضمون القانوني لنص المراسلة الموجهة للنظام السوري
جاءت مراسلة المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة و المحامين تتضمن عدة نقاط:
تطرقت لدستور 1973 و دستور 2012 و أنهما لا يختلفان جوهريا عن بعضهما من جهة منح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة و هيمنتة على السلطة التشريعية و القضائية و ذلك من خلال إصدار المراسيم التشريعية و كونه رئيس مجلس القضاء الأعلى وفق المادة 31 من الدستور السوري و هو من يعين قضاة المحكمة الدستورية للمزيد من التفاصيل دراسة قانونية ل رابطة المحامين السوريين الاحرار بعنوان المحكمة الدستورية العليا في سوريا أحد أوجه نظام الأسد الاستبدادية
رغم رفع حالة الطوارئ المترافقة مع دستور عام 1973 لم يقدم دستور 2012 أي تغير في الحد من صلاحيات رئيس الجمهورية و نطاق السلطة التنفيذية في القضاء بالإضافة انه يماس مهام السلطة التشريعية من خلال إصدار مراسيم تشريعية لها قوة القوانين التي يصدرها البرلمان للإطلاع دراسة قانونية لرابطة المحامين السوريين الأحرار بعنوان مرسوم عفو نظام الأسد أداة متعدّدة الأوجه في يد نظام قمعيّ
حدد الدستور السوري نظامين قضائيين قضاء المحاكم و القضاء الإداري
أما نظام قضاء المحاكم فيوجد له نوعين:
- القضاء العادي
الذي ينظمه قانون اصول المحاكمات الجزائية و قانون العقوبات و القوانين و المراسيم بهذا الصدد و يخضع لقانون السلطة القضائية رقم 98 لعام 1961 الذي يمنح بموجب المادة 67 لوزير العدل أو رئيس مجلس القضاء الأعلى ( رئيس الجمهورية ) صلاحيات تعين القضاة وترقيتهم و تأديبهم وعزلهم وكذلك تمنحهم جميعا الإشراف على استقلال القضاء و استشهد المقرر بحادثة في عام 2005 حيث تم عزل 81 قاضيا بموجب المرسوم التشريعي رقم 95 لعام 2005 إجازة مجلس الوزراء بصرف القضاة حيث منح لمجلس الوزراء لمدة أربع وعشرين ساعة ولأسباب يعود تقديرها إليه أن يقرر صرف القضاة من الخدمة ولا يشترط في هذا القرار أن يكون معللاً أو أن يتضمن الأسباب التي دعت للصرف من الخدمة ويسرح القاضي المقرر صرفه من الخدمة بمرسوم غير قابل لأي طريق من طرق المراجعة أو الطعن أمام أي مرجع إداري أو قضائي ، وتصفى حقوق المسرح وفقاً لأحكام القانون النافذ مما يؤكد أن القضاة غير مستقلين و يخضعون لنفوذ السلطة التنفيذية و بالتالي هيمن تهمين على القضاء و قراراته و تفقده استقلاليته و حياده
- القضاء الاستثنائي
و الذي تنظمه فوانين خاصة و بالرغم من إلغاء محكمة امن الدولة العليا بعد رفع حالة الطوارئ في لبلاد بموجب المرسوم رقم 53 لعام 2011 إلا انه تم إصدار صدر قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 للعام 2012 ومن ثم إحداث محكمة للنظر في قضايا الإرهاب مقرها دمشق بموجب القانون 22 لعام 2012 و التي لم تختلف كثيرا عن محكمة أمن الدولة العليا و لا تحقق شروط المحاكمة العادلة من حيث قانونية تشكيل محكمة الإرهاب ومشروعية الأحكام الصادرة عنها فهي غير ملزمة بالإجراءات القانونية الواجب أتباعها نص قانون المحكمة صراحة في المادة 5 على إعفاء المحكمة من التقيد بالأصول والإجراءات المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية للإطلاع دراسة قانونية لرابطة المحامين السوريين الأحرار بعنوان : محكمة الإرهاب أداة الأسد القانونية لمعاقبة السوريين ودراسة قانونية بعنوان محكمة الإرهاب تُصادر ممتلكات عشرات المعتقلين جنوب دمشق
بالرغم من رفع حالة الطوارئ لازالت محاكم الميدان العسكرية التي أنشئت بموجب المرسوم رقم 109 لعام 1968 نشطة و تمارس محاكمة السوريين المدنين و العسكريين و له صلاحيات و سلطة قضائية على الجرائم المرتكبة أثناء الحرب و العمليات العسكرية ولا تراعي في تشكيلها أو أحكامها أي من شروط المحاكمة العادلة لمزيد للإطلاع البرنامج السوري للتطوير القانوني دراسة قانونية نقدية للتقرير الوطني المقدم من الجمهورية العربية بعنوان : مغالطات لا حقائق و تطرقت المراسلة للمحاكم العسكرية وما يشوبها من عيب قانوني و مثول المدنين لمحاكمتهم أمام المحاكم العسكرية التي ايضا لا تتقيد بشروط و ضمانات المحاكمات العادلة وفق المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية.
تطرقت المراسلة فيما يتعلق بالمخاوف التي جاءت فيها بإرفاق ملحق خاص يتضمن الإشارة إلى القانون الدولي لحقوق الإنسان و الذي يستشهد بالصكوك و المعايير الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة فقد جاء بالمحلق الخاص ذكر لبعض فقرات التعليق العام رقم 32 لعام 2007 للجنة المعنية بحقوق الإنسان للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية و الذي نص وفق الفقرة 22 من التعليق أنه يقع على عاتق الدولة ضمان المحاكمات العادلة و اتخاذ كافة الإجراءات العملية لتحقيق ذلك و هي إجراءات تنطبق على جميع الهيئات القضائية و جميع أنواع المحاكم سواء كانت محاكم عادية أو استثنائية مدنية أو عسكرية و يجب حين محاكمة المدنين أمام المحاكم العسكرية أن تثبت الدولة أن اللجوء لهذه المحاكم ضروري و مبرر بأسباب موضوعية فيما يتعلق بالفئة المحددة من الأشخاص و المعنية وذلك بسبب أن المحاكم المدنية إجراء هذه المحاكمات ويجب أن يكون الطابع العسكري أو الخاص للمحكمة المعنية ألا يؤدي إلى تقييد أو تعديل الضمانات التي تكفلها و تشترطها المادة 14
تطرقت المراسلة إلى تقرير المقرِّر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين المقدم لمجلس حقوق الإنسان في عام 2009 و الذي نص في الفقرة 18 منه على إن مبدأ فصل السلطات هو الذي يمهد السبيل إلى جانب سيادة القانون أمام إقامة العدل في ظل ضمانات الاستقلال والنزاهة والشفافية على أنه لا يتسق مع مبدأ استقلال الهيئة القضائية أي وضع لا يُميّز فيه بوضوح بين وظائف واختصاصات السلطتين القضائية والتنفيذية أو تتمكن فيه السلطة التنفيذية من السيطرة على السلطة القضائية أو توجيهها لذلك أشارت اللجنة إلى هذا القلق في العديد من توصياﺗﻬا الختامية ودعت إلى وضع تمييز واضح بين اختصاص الأجهزة التنفيذية والأجهزة القضائية
طرقت المراسلة إلى إلى تقرير المقرِّر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين المقدم لمجلس حقوق الإنسان في عام 2017 و الذي نص في الفقرة 16 على أن احترام سيادة القانون وتعزيز الفصل بين السلطات واستقلال القضاء هي شرط اساسي لحماية حقوق الإنسان والديمقراطية. ولكن لا يجوز أن استقلال القضاء إلى منح القضاة حرية مطلقة. فعلتيهم عن يتصرفوا ممتثلين للمبادئ التي تمليها سيادة القانون والديمقراطية والفصل ان السلطات
خلصت المراسلة إلى وصف الوضع الراهن للقضاء السوري يشكل انتهاك للحق في المحاكمة العادلة للشعب السوري بشكل عام ووجهت أربع نقاط للنظام السوري
- تقديم أي معلومات حول هذه المخاوف السابق ذكرها
- بيان الإجراءات المتخذة من قبل النظام السوري لضمان استقلال القضاء وفق القانون الدولي لحقوق الإنسان و تقرير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و مبادئ الأمم المتحدة
- تقديم معلومات مفصلة عن المدنين الذين حوكموا أمام المحاكم العسكرية و عن التدابير المتخذة لضمان حقهم في المحاكمة العادلة في هذه القضايا
- تقديم معلومات عن التدابير المتخذة لضمان إتاحة ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة اتخاذها وفق المادة 14 من العهد الخاص بالحقوق المدنية و السياسية لجميع الاشخاص في الجمهورية العربية السورية.
أهمية المراسلة الموجهة للنظام السوري
تعد أول مراسلة موجهة للنظام السوري من المقرر الخاص المعني باستقلال القضاء و المحامين بصفة مستقلة دون الاشتراك مع باقي أصحاب الولايات للإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان منذ قيام النزاع في سورية في عام 2011 ويجدر الإشارة إلى أنه حتى تاريخ إرسال المراسلة كان هناك 11 مراسلة سابقة للمقرر الخاص المعني باستقلال القضاة و المحامين و لكن كانت مشتركة مع اصحاب الولايات الأخرى من ابرزهم المقرر الخاص المعني بالتعذيب و الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي والمقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان و الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي و المقرر الخاص المعني بالصحة والمقرر الخاص المعني بحالات الإعدام المقرر الخاص المعني حرية الرأي و التعبير و كانت أول مراسلة بتاريخ 18/8/20211 و أخرها بتاريخ 21/11/2014 ورد النظام السوري على 5 مراسلات فقط من أصل ال 11 مراسلة المرسلة له.
ذكرت المراسلة بيانات مهمة و تتخلص في أن الضحايا هو الشعب السوري كافة و نطاقها كافة المدن السورية و تاريخها منذ عام 2012 و حتى تاريخه.
لم تتطرق المراسلة لحالة فردية أو حالات جماعية لمواضيع انتهاك حقوق الإنسان و إنما سلطت المراسلة الضوء على كامل منظومة القضاء في سوريا و التي وضحت بشكل قانوني أن هذه المنظومة غير مستقلة ولا تراعي شروط المحاكمة العادلة للسوريين و لا يمكن حماية حقوق الإنسان و تحقيق الديمقراطية للشعب السوري في ظل وجود هذه المنظومة القضائية.
أثبتت بشكل قاطع أهمية ما عملت عليه بعض المنظمات السورية و منها رابطة المحامين السوريين الأحرار بالتعاون مع عديد من المنظمات السورية و الدولية و الأممية في ضرورة العمل على القانون الوطني السوري الذي يعتبر الحجر الاساس في أي حل سياسي مستقبلا و يجب أن تقوم هذه المنظمات بالتحليل القانوني الانتهاكات الواردة في القوانين الوطنية ورفع التقارير الدورية للمنظمات و الهيئات الأممية و العمل على تعديل هذه القوانين لتكون متوافقة مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
التأكيد على ما ورد في الرؤية المستقبلية لرابطة المحامين السورين الأحرار في مؤتمر العدالة وكافة الندوات القانونية التي أقامتها و في أهمية متابعة الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان لشرح و تفسير القوانين السورية و بيان الثغرات القانونية التي تتضمنها التي تشكل انتهاك لحقوق الإنسان و تكون هذه التقارير من المنظمات الحقوقية السورية أحد المصادر الأساسية للإجراءات الخاصة سواء بإرسال المراسلات للنظام السوري التي تفضح انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها ضد لشعب السوري و يمكن الاستئناس فيها لصياغة التقارير المقدمة من فريق الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التي توصل الحقائق للمجتمع الدولي ويوجه تحذيرات للنظام السوري أن هذه الانتهاكات تتابع من المجتمع الدولي مما يعزز ممارسة الضغط الدولي على النظام السوري والدول الداعمة له في الأمم المتحدة للرضوخ للحل لسياسي الذي يضمن تحقيق العدالة للشعب السوري فلا حل في سوريا دون تحقيق ما ورد في المراسلة بأن تكون القوانين و التشريعات ترسخ مبادئ حقوق الإنسان وجزءًا أصيلًا منه تحترم وتصان فيه حرية و كرامة المواطن السوري واحترام سيادة القانون وتعزيز الفصل بين السلطات واستقلال القضاء و تلغى كافة النصوص التي تعطي تحكم السلطة التنفيذية بالقرار في الدولة و تصادر صلاحيات السلطة التشريعية و القضائية وتحقيق العدالة الانتقالية التي من دورها إصلاح المؤسّسات الأمنية و العسكرية بحيث يكون ولائها للشعب السوري وحده و إجراء الملاحقات القضائيّة وتشكيل لجان الحقيقة تحقيق المحاسبة العادلة والتّعويض عن الضّحايا باسم الدولة السورية المنتخبة شرعيا التي تمثل الإرادة الحقيقة للسوريين و التي تشكل العقد الاجتماعي الذي سوف يتوافق عليه السوريين لبناء سورية المستقبل لكل السوريين و تحقيق السلام الدائم السوري.