مرت إثنا عشر على مقتل الصحفية الأمريكية ماري كولفين، من صحيفة “صنداي تايمز” في حي بابا عمرو بمدينة حمص السورية.
قُتلت كولفين، في 22 من شباط 2012، مع المصور الفرنسي ريمي أوشليك، بقصف لقوات النظام في حي بابا عمرو، الذي كان في ذلك الحين أحد معاقل المعارضة.
كما أُصيب المصور البريطاني بول كونروي، والصحفية الفرنسية إديت بوفييه، والناشط الإعلامي السوري وائل العمر في القصف نفسه.

ما الذي جرى؟

كان المصور بول كونروي برفقة ماري كولفين عندما استُهدف المركز الإعلامي المؤقت الذي كانا فيه بهجوم صاروخي من قبل قوات النظام، ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة.
خاطر كل من كونروي وكولفين بدخول منطقة بابا عمرو المحاصرة في حمص للمرة الثانية على الرغم من تقديم نسخ وصور بالفعل لصحيفة “صنداي تايمز”، وقررا أنهما لا يستطيعان “التخلي” عن المدنيين غير القادرين على الفرار.

وشاركت كولفين في البث المباشر لإذاعة “BBC” البريطانية و”القناة الرابعة الإخبارية” وقناة “CNN” في تلك الليلة، الأمر الذي مكّن النظام السوري في النهاية من تحديد موقعها واستهداف المبنى الذي كانت تقيم فيه.

وقالت عائلة الصحفية، ماري كولفن، التي قتلت في بداية النزاع السوري المسلح في مدينة حمص لـ bbc إن الحكومة السورية هي التي اغتالتها، استنادا إلى وثائق قضائية كشف عنها أخيرا.
ورفعت أخت الصحفية الشهيرة، كاثلين كولفن، دعوى قضائية في الولايات المتحدة، تقول فيها إن أختها تعرضت “للقتل بلا محاكمة”، وطالبت بتعويض من الحكومة السورية.

في حين قال عدد من النشطاء حينها أن هناك وثائق بملف القضية، وأن قوات النظام السوري كانت تراقب تحركات الصحفيين من خلال هواتفهم المحمولة.

“إن الوثائق تتضمن أدلة على أن حكومة، بشار الأسد، كانت “تعتبر العاملين في وسائل الإعلام أهدافا لها منذ بداية النزاع”.
محامي عائلة كولفن، سكوت غيلمو

في عام 2019، أُدينت حكومة النظام السوري بقتل كولفين عمدًا في “قتل خارج نطاق القضاء” من قبل محكمة أمريكية، وأمرت بدفع 302 مليون دولار كتعويض لعائلة كولفين، ومع ذلك، لم يُعاقَب أحد حتى الآن على قتلها.

اهتماماتها

بدأت كولفين كتابة التقارير عن منطقة الشرق الأوسط لصحيفة “صنداي تايمز” في عام 1986، قبل أن تصبح مراسلة الشؤون الخارجية للصحيفة في عام 1995.
وكانت أول من أجرى مقابلة مع الرئيس الليبي السابق، معمر القذافي، بعد قصف الولايات المتحدة ليبيا في عام 1999، وكانت تمتلك موهبة لا مثيل لها في مجال التغطية الصحفية من مناطق الحروب في جميع أنحاء العالم.

كانت كولفين تتحدث عن كارثة إنسانية سرية في شمال سريلانكا في عام 2001 لصحيفة “صنداي تايمز”، عندما تعرضت للهجوم وهي تحاول الدخول مرة أخرى إلى جنوبي البلاد، وفقدت عينها جراء إصابتها بشظية، وقالت إنها متأكدة بأنها “استُهدفت عمدًا من قبل الجنود”.

ومنحت صحيفة “Press Gazette” جائزة سنوية باسم جائزة “ماري كولفين لصحفي العام”، فازت بها الصحفية روخانا ميديا لعام 2022.

رد الأسد على مقتل كولفين

علّق رئيس النظام السوري، بشار الأسد، عند سؤاله عن الحادثة في مقابلة باللغة الإنجليزية على قناة “NBC” عام 2016، قائلًا، “كانت تعمل مع الإرهابيين، ولأنها جاءت بشكل غير قانوني، فإنها مسؤولة عن كل ما أصابها“.
ووثّقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، في تقرير أصدرته في أيار عام 2021، مقتل أكثر من 709 من الصحفيين والعاملين في مجال الصحافة والإعلام، قُتلوا منذ بدء الاحتجاجات في سوريا عام 2011، 52 من بينهم قُتلوا تحت التعذيب.

قالت رابطتا الصحفيين السوريين والمحامين السوريين الأحرار إن النظام السوري لايزال يتصدر قائمة المسؤولين عن الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت ضد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية في سوريا منذ عام ٢٠١١ وحتى نهاية عام ٢٠٢٢ ليكون الأسد هو عدو الصحافة والأشد فتكاً بالصحفيين في سوريا.

وأكدت الرابطتان في تقرير خاص مشترك حول الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري بحق الإعلام في سوريا، أن الإعلاميين دفعوا ثمناً باهظاً في نقل الحقائق والوقائع على الساحة السورية وتطوراتها منذ انطلاق الحراك السلمي في آذار2011 حيث تعمد النظام استهدافهم عبر القتل والإصابة والاعتقال والتعذيب في السجون، وغيرها من الانتهاكات.

بحسب التقرير الذي استند إلى إحصائيات لمركز السوري للحريات الصحفية في رابطة الصحفيين السوريين، فقد تم توثيق 1471 انتهاكاً ضد الإعلام في سوريا من قبل مختلف الأطراف منذ عام 2011 وحتى نهاية شهر تشرين الأول من عام 2022، حيث كان النظام مسؤولاً عن ارتكاب 621 انتهاكاً أشدها قتل 316 إعلامياً من بين 464 قتلوا منذ عام ٢٠١١.

وتحتل سوريا المرتبة رقم 173 من أصل 180 بلدًا على جدول “التصنيف العالمي لحرية الصحافة”، الذي نشرته “مراسلون بلا حدود” لعام 2021.