مرّ عقد على مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية التي راح ضحيتها ما لا يقل عن 1300 شخص، في مجزرة ارتكبها النظام السوري، مستخدمًا فيها غاز “السارين” السام في 21 من آب 2023.

في حين أصدر مشروع “الأرشيف السوري” لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان اليوم، الاثنين 21 من آب، تقريرًا في ذكرى مرور عشر سنوات على “مجزرة الكيماوي”، غطى من خلاله، عبر وثائق مفتوحة المصدر، المواقع الرئيسية لسقوط الصواريخ، ومواقع عسكرية ذات صلة محتملة، ومرافق طبية حيث جرى علاج الضحايا، وأماكن تجميع الجثث، ومواقع الدفن.

ويرتبط هذا الهجوم بـ564 مادة من “الأكثر توثيقًا” على وسائل التواصل الاجتماعي، منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، إذ وثّق هذا الهجوم بنحو ثلاثة أضعاف عدد المواد المفتوحة المصدر التي تم التحقق منها مقارنة بثاني أكثر حادثة توثيقًا باستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، وهي الهجوم بغاز السارين في 4 من نيسان 2017 على خان شيخون، بحوالي 200 مادة، بحسب التقرير.

وإضافة إلى عدد اللقطات، وتوثيق “الأرشيف” الهجوم من خلال مجموعة متنوعة من المصادر كانت موجودة قبل عشر سنوات في الغوطة، من بينهم صحفيون وموثقون محترفون آخرون بالإضافة إلى أشخاص عاديين وأطقم طبية وشبكات ناشطين محليين، تتضمن مجموعة بيانات خاصة مفتوحة المصدر جُمعت بواسطة 145 حسابًا مختلفًا لمستخدمين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

 

التقط الموثّقون، بحسب التقرير، مجموعة من المعلومات الأساسية التي من شأنها أن تظهر في أي خطة جمع مثالية لمحقق وهي:

 

وثائق أمام الجميع

 

مع تزايد العنف واستمرار تراكم مزاعم الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي دون تدخل حقيقي، أصبح الوصول إلى سوريا أقل أمام المحققين الدوليين، ما ألزم المحققين بـ”البحث في مكان آخر عن المعلومات ذات الصلة لبناء القضايا”، بحسب التقرير الصادر عن “الأرشيف السوري”.

ولجأت المنظمات الدولية إلى الموثّقين في الخطوط الأمامية ممن صوروا، وعملوا بجد، لتلبية أعلى معايير التحقيق، آخذين بعين الاعتبار إمكانية استخدام موادهم من قبل السلطات الدولية.

وبعد انتشار غاز “السارين” السام في أحياء الغوطة في حوالي الساعة 02:00 صباحًا بالتوقيت المحلي، بدأ الناس هناك بتصوير ومشاركة اللقطات عبر الإنترنت على الفور تقريبًا.

ونشر، بحسب التقرير، ما لا يقل عن 102 مادة توثق هجوم السارين على الغوطة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال الساعات الست الأولى، تم تحميل ما لا يقل عن 250 مادة على وسائل التواصل الاجتماعي في الـ24 ساعة الأولى التي أعقبت الهجوم، بما في ذلك مناشدات للمساعدة من الأطقم الطبية التي كانت تعالج الضحايا.

التقرير أشار إلى أن جهود التوثيق هذه ليست مهمة من حيث الكمية الإجمالية وجودة المحتوى المنتج فحسب، ولكن أيضًا للعدد الكبير من التحديثات الفورية عبر الإنترنت من قبل العشرات من مستخدمي الوسائط الاجتماعية المختلفين خلال الـ24 ساعة الأولى.

 

النظام السوري هو المسؤول

 

في 7 من تشرين الأول 2020، قدمت “مبادرة العدالة” و”المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” و”مبادرة الأرشيف السوري” ضمن مشروع “Mnemonic” لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، شكوى جنائية إلى المدعي العام الاتحادي الألماني ضد مسؤولين سوريين، بشأن استخدام غاز السارين في عدة مدن سورية.

وعادت المنظمات الثلاث، في آذار 2021، لتقديم شكوى مماثلة أمام قضاة التحقيق في فرنسا، تضمنت شهادات مستفيضة لعديد من الناجين من هجمات الكيماوي التي شنها النظام السوري على مدينة دوما والغوطة الشرقية في آب عام 2013، لتكون الشكوى الجنائية الأولى التي تُقدم ضد بشار الأسد في فرنسا حول قضية الأسلحة الكيماوية.

تلا ذلك بشهر واحد تقديم شكوى أخرى بالسويد لمحاسبة النظام السوري على استخدامه غاز السارين في هجومين، الأول على غوطة دمشق الشرقية عام 2013، والثاني على خان شيخون عام 2017.

وبينما تشير منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” إلى مسؤولية النظام عن الهجوم، يوجه الأخير مع حليفه الروسي اتهامات لها، بأن تقاريرها “مسيّسة” وتفتقر إلى الأدلة المنطقية، في محاولة لربط التقرير بتوجه غربي لإدانة النظام السوري والضغط على حليفه الروسي في الوقت الراهن، خصوصًا في ظل ما يشهده ملف الحرب الروسية على أوكرانيا.

 

ماذا جرى في تلك الليلة

 

 في الساعة 02.30 ليلاً  استيقظ المدنيون في الغوطة الشرقية على رائحة الغازات السامة، التي نفذتها قوات  النظام السوري، من خلال  صواريخ برؤس محملة بغاز السارين، وشمل الهجوم المناطق المتضررة من المعضمية، وداريا، وعين ترما، وجوبر، ومليحة، وكفر بطنا، وجسرين، وعربين، وحمورية، وزملكا، ودوما.