أصدر مجلس الوزراء التابع للنظام السوري التعميم رقم 3039/1 تاريخ 6/3/2024 بتعديل شروط الموافقة الأمنية المتعلقة بالأمور العقارية.
وجاء في نص التعميم إشارة إلى كتاب مكتب الأمن الوطني رقم 954/3 مقدم بتاريخ 29/2/20 المتضمن مايلي:
- الإبقاء على طلب الموافقة الأمنية للبيوع العقارية والوكالات العامة الداخلية في الوقت الحالي
- التأكيد علي شعبة الأمن السياسي تقديم الأسباب التي دعت لعدم الموافقة بهدف إفساح المجال أمام المواطنين لمراجعه الجهات المعنية ومعالجة أوضاعهم أصولا.
- أن يكون إجراء عدم الموافقة خاص بالشخص المقصود فقط (المتهم) دون أن يشمل ذلك عائلته، أي أن إجراء عدم الموافقة الأمنية لا يشمل والدي المقصود أو زوجته أو أخواته إلا من تنطبق عليه حالات عدم الموافقة.
- ألا يتعدى البت بالموافقة الأمنية أكثر من 48 ساعة.
- ليس لعدم الموافقة الامنية لأحد الأشخاص أثر في حالات بيوع إزالة الشيوع وعقود التخاصص أو المحاصصة اوالمشاركة اوالقسمة الرضائية وجميع الحقوق التي تنتقل إرثا والإبقاء على إشارة الحجز الاحتياطي إن وجدت على حصة المقصود فقط
- لا يشمل المشاريع العمرانية الصادرة استناداً لمراسيم تشريعية لجهة وجود عدة مالكين أو ورثة بالأرض المستثمرة ، ويوجد بحق أحدهم إجراء يؤدي لعدم منحه الموافقة حيث يتم الإبقاء على اشارة الحجز الاحتياطي أن وجد على حصة المقصود فقط
التحليل القانوني
على الرغم من تعديل الشروط الواردة في التعميم الجديد إلا أنه لا تلبي طموح السوريين و تعتبر بروباغند إعلامية من النظام السوري يهدف منها لإيصال رسالة للمجتمع الدولي أنه يعمل على تحسين واقع حقوق الإنسان في سوريا وذلك للأسباب التالية :
كان يجب على النظام لسوري أن يلغي طلب الموافقة الأمنية و ليس تحسين شروط الحصول عليها لأنها تشكل انتهاك لحق الملكية و مخالفة لمواد الدستور السوري بمبدأ سيادة القانون ومبدأ فصل السلطات ومخالفة المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية المنصوص عليها في العهود والمواثيق الدولية
إن الشرط الوارد في منح الصلاحية لشعبة الأمن السياسي لتقرير هل يستطيع الشخص أن يتصرف في أملاكه هو تميز يمارسه النظام السوري علنا بحق مع يخالفه الرأي السياسي من المعارضين
وذلك بحرمانه من التصرف من أملاكه بعدم منحه الموافقة الامنية و ينتهك الحق في عدم التمييز، مع المساواة أمام القانون والحماية المتساوية التي يكفلها القانون دون أي تمييز، مبدأ أساسيا وعاما يتعلق بحماية حقوق الإنسان. فقد نصت المادة 26 من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية الناس جميعا سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته.
وفي هذا الصدد يجب أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب، كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب.
أما عن فقرة إفساح المجال أمام المواطنين لمراجعه الجهات المعنية ومعالجة أوضاعهم أصولا يعني ذلك في حال لم يكن الشخص مطلوب لشعبة الأمن السياسي و في حقه طلب من احد الأفرع الأمنية الأخرى،
يجب أن يراجع هذه الأفرع و يعود لمتاهة الابتزاز من هذه الأفرع و صلاحياتها المطلقة في توقيف الشخص و انتزاع الاعترافات بالإكراه و إكمال المهزلة القانونية التي يحاول النظام السوري تصويرها بكلمة الجهات المعنية
ومن ثم سوف يتم إحالته لمحكمة الإرهاب او القضاء العسكري بتهم ضمن قوالب جاهزة لكل المعارضين أو حتى قد تشمل ذويهم فلن يتجرأ اي شخص ضمن هذا التعميم و شروطه الجديدة بمراجعة شعبة الأمن السياسي أو الأفرع الامنية الأخرى.
أما عن بند عدم تأثير عدم الموافقة الأمنية لأحد الأشخاص في حالات بيوع إزالة الشيوع.- عقود التحاصص أو المحاصصة والمشاركة – القسمة الرضائية – جميع الحقوق التي تنتقل بالإرث.
والإبقاء على إشارة الحجز الاحتياطي إن وجدت على حصة المقصود فقط هذا من الناحية القانونية ممكن و لكن من الناحية العملية لا يمكن لأحد شراء عقار على الشيوع يوجد أحد المالكين لم يحصل على موافقة امنية فوضع إشارة الحجز الاحتياطي على حصة هذ المالك ستكون نتيجة حتمية وخاصة مع قوانين التي يصدرها النظام السوري
ويشرع بها مصادرة أموال كقانون مكافحة لإرهاب فقد نصت المادة رقم 12 من القانون رقم 19 لعام 2012 في جميع الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون تحكم المحكمة بحكم الإدانة بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة وعائداتها والأشياء التي استخدمت أوكانت معدة لاستخدامها في ارتكاب الجريمة وتحكم بحل المنظمة الإرهابية في حال وجودها أو محكمة الميدان العسكرية (سابقا) قبل الغائها بالمرسوم المرسوم التشريعي رقم 32 للعام 2023 أو هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بموجب المرسوم التشريعي رقم 46 لعام 2013 أوقانون الخدمة العسكرية بموجب القانون 39 لعام 2019
و قد اصدرت FSLA دراسة قانونية بعنوان: النظام السوري يقنن مصادرة أموال السوريين شرحت فيها القانون الذي أصدره النظام السوري
والذي يسمح بإدارة واستثمار الأموال المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم (غير قابل للطعن)،
سواء صدر الحكم قبل نفاذ هذا القانون أم بعده الآلية القانونية التي يتبعها النظام السوري لمصادرة أموال السوريين وتعتبر الموافقات الامنية مع تحسين كما يدعي النظام أحد أهم الأسباب التي تشرع هذه المصادرات
إن هدف النظام في وضع البند الأخير لا يشمل الموافقة الأمنية المشاريع العمرانية الصادرة استناداً لمراسيم تشريعية لجهة وجود عدة مالكين أو ورثة بالأرض المستثمرة ويقصد بهذه المراسيم المرسوم 66 لعام 2012 والقانون رقم 10 لعام 2018 والقانون رقم 3 لعام 2018 الخاص بإزالة أنقاض الأبنية المتضررة نتيجة أسباب طبيعية أو غير طبيعية أو لخضوعها للقوانين التي تقضي بهدمها والقانون رقم 23 لعام 2015
ومن ثم إصدار لمخططات التنظيمية للمدن التي دمرتها آلاته العسكرية ومن ثم تسليمها لشركات التطوير العقاري بموجب القانون رقم 18 لعام 2015 و قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021 وتعديله بالقانون رقم 2 لعام 2023
وهذه القوانين تهدف لإلغاء الشروط التي كانت مفروضة على المطور العقاري وتهدف فقط لجذب رأس المال وجاءت الشروط الجديدة بهذا التعميم بإعفاء المشاريع العمرانية من شرط الموافقة الأمنية ليرسخ الفكرة من هذه القوانين
وأنها حلقة متكاملة من الانتهاكات بهدف نزع ملكية السوريين هذا من أجل تسهيل عمل شركات التطوير العقاري وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية من إعادة الإعمار لهذه المناطق بعد أن حوّل الملاك في تلك المناطق لحملة أسهم عقارية على الشيوع
فيما سيتم بناؤه مع ملاحظة التفاوت الهائل بين القيم التقديرية لما تم الاستيلاء عليه بالقانون بما يساعدها على تحقيق المكاسب الاقتصادية بانتزاع حقوق السوريين وترسيخ لسياسات النظام السوري الرامية إلى تغيير قوانين التخطيط المدني وخلق وقائع ديموغرافية جديدة بإسكان فئات من السكان موالية له من فئة التجار والمتنفذين الذين مولت حربه ضد الشعب السوري.
الاستنتاجات و التوصيات
بعد التحليل القانوني ترى FSLA:
بداية إن ورد في هذا التعميم ثمرة جهد وعمل المؤسسات الحقوقية السورية بتسليط الضوء على انتهاكات النظام السوري لحق الملكية بطلب الموافقة الأمنية ضمن شروطها السابقة مما دفعه كما يعتقد أنه قام بإصدار هذا التعميم بتحسين شروط الحصول عليها
اعتراف ضمني من النظام السوري بهيمنة السلطة التنفيذية على السلطتين القضائية والتشريعية. وممارسة هذه الانتهاكات طيلة عقد من الزمن و حرمان السوريين من ممتلكاتهم العقارية أو تقيد حقهم من التصرف بها والذي يعتبر انتهاك لمواد الدستور المادة 50 من الدستور السوري
ومبدأ “سيادة القانون أساس الحكم في الدولة و الفصل بين السلطات الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية) و إن الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ، ما زالت تشكل طريقاً ممهداً للأجهزة الأمنية لإتمام سيطرتها على كافة جوانب الحياة
اعتراف صريح بأن الأجهزة الأمنية كانت تستهدف كل اسرة المطلوب أمنيا في حال طلب أحد منهم الموافقة الأمنية و كان أحد الأفراد مطلوب أمنيا وهذا ما كان يعرقل معاملات العقارية لكافة افراد الاسرة بل و يعرضهم للمسألة الأمنية بالإضافة لاعتراف صريح بما كانت تطلب وقت غير محدد من الاجهزة الأمنية للرد و هذا كان أحد وسائل الابتزاز التي بتعرض لها السوريين من قبل الأجهزة الأمنية
إن الهدف من تعديل شروط طلب الموافقة الأمنية في التعميم الجديد إلا أنه لا تلبي طموح السوريين و تعتبر بروباغند إعلامية من النظام السوري يهدف منها لإيصال رسالة للمجتمع الدولي أنه يعمل على تحسين واقع حقوق الإنسان في سوريا
ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعتبر تعديل شروط الانتهاك لحقوق الإنسان هو تحسين في حالة حقوق الإنسان و إن كان النظام جادا في تحسين حالة حقوق الإنسان في سوريا كان يجب على النظام لسوري أن يلغي طلب الموافقة الأمنية
وليس تحسين شروط الحصول عليها لما تشكله من انتهاك لحق الملكية و مخالفة لمواد الدستور السوري ومخالفة المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية و تشكل تميزا يمارسه النظام السوري بحق المعارضين له سياسيا بحرمانهم من أملاكهم أو التصرف بها
إن الإجراءات التي نص عليها لتعميم الجديد لا تختلف جذريا عن سابقتها و سوف تعود بنهاية المطاف إلى تحكم الأجهزة الامنية و استغلالها و ابتزاها لطالب الموافقة أو مصادرة هذه الممتلكات أو عدم مقدرته على التصرف بها كون طلب الموافقة يبقى عائق اساسي و التعميم لم ينص على إلغائها و إنما تعديل شروط الحصول عليها و يبقى عدم التصرف دون الموافقة شرط اساسي
الهدف من التعميم تسهيل عمل شركات التطوير العقاري وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وذلك بإعفاء أصحاب العقارات في المشاريع العمرانية من هذه الموافقة و كان الأولى أن يقوم النظام السوري بإعفاء السوريين في اي منطقة ولو لم تخضع للمشاريع العمرانية من هذه الموافقات الامنية
طبيعة تركيب هذا النظام و إدارة شؤونه البلاد بطريقة امنية وتقيد السوريين بالموافقات الأمنية بكافة تفاصيل حيلتهم وجعلها أداة للانتقام منهم لا يمكن تغيرها دون الوصول لحل سياسي شامل
لذلك يجب العمل جديا من الدول الفاعلة في الملف السوري على تنفيذ القرار /2254/ لعام 2015 الصادر عن مجلس الأمن بتحقيق الانتقال السياسي الفعلي الذي سعى له السوريين منذ انتفاضتهم ضد هذا النظام ومنظومته التي حكمت سوريا لأكثر من 50 عاما بالحديد و النار وقدموا كل انواع التضحيات لتحقيق هذا الهدف
فلا حل في سوريا دون تحقيق هذا البند بالتوافق على دستور يمثل السوريين جميعا تكون مبادئ حقوق الإنسان جزءًا أصيلًا منه تحترم وتصان فيه حرية و كرامة المواطن السوري وتلغى كافة النصوص التي تعطي تحكم السلطة التنفيذية بالقرار في الدولة وتصادر صلاحيات السلطة التشريعية والقضائية وتحقيق العدالة الانتقالية التي من دورها إصلاح المؤسّسات الأمنية والعسكرية
بحيث يكون ولائها للشعب السوري وحده و إجراء الملاحقات القضائيّة وتشكيل لجان الحقيقة تحقيق المحاسبة العادلة والتّعويض عن الضّحايا باسم الدولة السورية المنتخبة شرعيا التي تمثل الإرادة الحقيقة للسوريين و التي تشكل العقد الاجتماعي الذي سوف يتوافق عليه السوريين لبناء سورية المستقبل لكل السوريين و تحقيق السلام الدائم