العقوبات المفروضة على النظام السوري
تفرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا عقوبات على الحكومة السورية منذ العام 2011 و بدء النزاع في سوريا و بدء ارتكاب النظام لانتهاكات حقوق الانسان بحق الشعب السوري و قد شملت هذه العقوبات كيانات ومؤسسات حكومية وأمنية واقتصادية بالإضافة إلى شخصيات حكومية ورجال أعمال يدعمون النظام في حربه على الشعب السوري.
تشمل العقوبات حظراً على النفط وقيوداً على استثمارات معينة وتجميد أصول البنك المركزي السوري فضلاً عن فرض قيود على تصدير المعدات والتكنولوجيا التي يمكن استخدامها في القمع الداخلي وكذلك المعدات والتكنولوجيا التي قد تستخدم لمراقبة أو اعتراض الإنترنت أو الاتصالات الهاتفية وغيرها.
وأبرزها عقوبات قانون قيصر التي فرضتها الحكومة الأمريكية في يونيو/ حزيران 2020 بفرض عقوبات اقتصادية ومالية ومصرفية تستهدف بشكل أساسي عملية إعادة إعمار سوريا ويستهدف أيضاً عدداً من الصناعات السورية من ضمنها كل ما يتعلق بمشاريع البنى التحتية وصيانة الآليات العسكرية وإنتاج الطاقة.
يعطي الرئيس الأميركي الحق بفرض العقوبات بحق الأشخاص الأجانب إذا قاموا بتوفير الدعم المالي أو التقني للنظام السوري أو التعاقد معه أو مع الحكومة السورية أو أي من المؤسسات الرسمية أو الكيانات التي تسيطر عليها الحكومة السورية أو أي شخصية سياسية رفيعة المستوى فيها أو أي شخص أجنبي متعاقد عسكرياً أو مرتزق أو قوة شبه عسكرية تعمل داخل سوريا لصالح حكومتها أو نيابة عنها، كما ينطبق على الحكومتين الروسية والإيرانية أو أي شخصية تطالها أساساً العقوبات الأميركية وذلك على خلفية دعم روسيا وإيران لنظام الأسد و الهدف من هذه العقوبات هو الضغط على النظام السوري لوقف القمع والتفاوض على تسوية سياسية دائمة للأزمة السورية بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لعام 2015 الذي عمدت الحكومة السورية و حلفائها على التهرب من تنفيذ بنوده مما يطيل امد النزاع في سوريا ويزيد من معاناة الشعب السوري.
طالما يستغل النظام السوري و حلفائه اي حدث حتى يتذرعون بأن هذه العقوبات هي سبب معاناة السوريين وهي سبب الانهيار الاقتصادي و الأزمات التي تتوالى على السوريين في مناطق سيطرته حتى أنه وصلت فيه الوقاحة أن العقوبات هي السبب من عدم تحقيق تقدم كبير في مجال حماية حقوق الإنسان في سورية فقد قدمت الحكومة السورية تقريرها الوطني في جلسة الاستعراض الدوري الشامل في دورته الثالثة أمام مجلس حقوق الإنسان و جاء في التقرير إشارة من الحكومة السورية إلى أنه رغم التقدم المحرز في حماية حقوق الإنسان في سوريا إلا أن الحكومة السورية تواجه تحديات استثنائية خارجية من أهمها العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا
– حتى حدث الزلزال الذي ضرب تركيا و سوريا [4] بتاريخ 6/2/2023 فكانت الفرصة سانحة للنظام السوري كعادته أكثر من يعرف المتاجرة بمأساة و كوارث السوريين فهذا النظام قتل وشرّد من أبناء شعبه وصدّع ودمّر ببراميله من مساكنهم ومناطقهم وأحيائهم أكثر مما فعلت الطبيعة الأمّ
لذلك نصدر هذه المذكرة القانونية لتوضيح ماهية العقوبات المفروضة على النظام السوري من ناحية المساعدات الإنسانية و سلوك هذا النظام السوري في ملف المساعدات الإنسانية.
العقوبات الاقتصادية لا تستهدف المساعدات الإنسانية
– العقوبات الاقتصادية الصادرة عن الاتحاد الأوروبي تستهدف في المقام الأول الشخصيات والكيانات التي تواصل دعم وإسناد القمع والنظام السوري وتوفر لهم التمويل أو تستفيد من اقتصاد الحرب ولا تعيق وصول المساعدات الإنسانية والطبية فقائمة العقوبات الخاصة بالاتحاد الأوروبي تضم حاليا 273 شخصية و70 كيانا بـهدف ممارسة الضغوط على النظام السوري لوقف أعمال القمع والتفاوض بشأن التسوية السلمية الدائمة للأزمة السورية بموجب القرار الدولي 2254 لعام 2015 تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة.
وحسب تصريح جوزيف بوريل ممثل السياسة الخارجية والأمنية الأوروبي يؤكد أن العقوبات الاقتصادية الأوروبية مصممة بحيث إنها لا تعيق وصول المساعدات الإنسانية والطبية بما في ذلك الدعم الحيوي واللازم ولا تحظر العقوبات الأوروبية تصدير المواد الغذائية أو الأدوية أو المعدات الطبية. وحتى بالنسبة إلى السلع ذات الاستخدام المزدوج التي من الممكن أن تحمل قدرا من المخاطر مثل المواد الكيماوية الضرورية في الاستخدامات الدوائية فهناك قدر متصور من الاستثناءات ذات الصلة بالأغراض الإنسانية مؤكدا أن النظام السوري الحاكم يتحمل المسؤولية عن الأزمات الإنسانية والاقتصادية والصحية التي تشهدها سوريا وليست العقوبات الاقتصادية. بل على العكس من ذلك يرجع كل الفضل إلى المساعدات الدولية إذ لا يزال من الممكن توفير خدمات الرعاية الصحية أو الغذاء أو التعليم أو الحماية للأشخاص المعوزين في داخل سوريا
و قال كما يمكنني أن أضيف أيضا أن النشاط التجاري ما زال مستمرا طوال فترة الحرب الماضية بين الاتحاد الأوروبي وبين سوريا. ولم يفرض الاتحاد الأوروبي أي نوع من أنواع الحظر أو الحصار على سوريا طيلة تلك الفترة و اصدر الاتحاد الأوروبي بيان يؤكد أن العقوبات الاقتصادية لا تشمل المساعدات الإنسانية وأنهم مستمرون بدعم الشعب السوري
– وقد صدر بتاريخ 9/2/2023 بيان من وزارة الخارجية الأمريكية يؤكد أن برامج العقوبات الأمريكية لا تستهدف المساعدة الإنسانية المشروعة ، بما في ذلك جهود الإغاثة في حالات الكوارث.و أصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية أن الوزارة أصدرت الرخصة العامة لسورية رقم “23”، والتي تسمح لمدة 180 يوماً بجميع المعاملات المتعلقة بالإغاثة من الزلازل التي كانت ستحظرها لوائح العقوبات السورية (SySR ( ولكن النظام السوري مازال يسعى إلى رفع العقوبات الاقتصادية بشكل كامل فقد
أصدرت وزارة خارجية النظام السوري بيان قالت فيه أن قرار الإدارة الأمريكية تجميد بعض تدابيرها القسرية مؤقتاً مضلل ويهدف لإعطاء انطباع إنساني كاذب و هذا ما يؤكد أن النظام السوري يسعى مع حلفائه لرفع العقوبات بشكل كامل لفرض واقع ما بعد النزاع بتقديم نفسه للمجتمع الدولي كطرف منتصر في النزاع و السعي للحصول على أموال إعادة الإعمار و التذرع بالحالة الإنسانية و كارثة الزلزال بهدف رفع العقوبات الاقتصادية بشكل كامل لتحقيق مأربه.
النظام السوري يبتز المجتمع الدولي لإدخال المساعدات للمناطق الخارجة عن سيطرته
يسعى النظام السوري و الدول الداعمة له لابتزاز المجتمع الدولي و مساومته لدخول المساعدات إلى المناطق المحررة لمساعدة أهلنا المنكوبين بسبب الزلزال وذلك بالسعي لرفع العقوبات الاقتصادية لاستمرار ممارسة أجرامه و الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بحق الشعب السوري
– أشترط النظام السوري تحكمه الكامل بالمساعدات الأممية والدولية لإدخال بعض فتاتها إلى مناطق الشمال السوري المنكوب وسرقة الكمية الكبيرة فقد صرح محافظ إدلب لدى النظام السوري لوكالة سانا أن توزيع المساعدات سيكون عن طريق النظام السوري لمناطق خارجة عن سيطرة النظام السوري بالتنسيق مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية واصفا أن هذه المناطق تسيطر عليها الإرهابيين وهم يعيقون دخول المساعدات بسبب المعابر وهذه ذرائع و حجج النظام السوري التي حفظها الجميع و التي سوف تؤدي إلى مماطلته بدخول المساعدات ودخول المساعدات بشكل ضئيل فمن قصف هذه المناطق بطائراته و قتل النساء و الأطفال و شرد الملايين لن يكون رحيما بهؤلاء الناس وسوف يؤدي تحكم النظام السوري بملف المساعدات الإنسانية إلى تسبب كارثة بحق السوريين المنكوبين بسبب الزلزال ومجرد قبول المجتمع الدولي بخضوع المساعدات الإنسانية للابتزاز من قبل النظام السوري وروسيا هو شرعنة واضحة لاستخدام المساعدات كسلاح لقتل السوريين المتمثل بتأخير وصول المساعدات الإنسانية في ظل هم بأمس الحاجة لإنقاذ الضحايا و المتضررين من جراء الزلزال الذي جعل الشمال المحرر منطقة منكوبة لتزيد هما فوق هموم السوريين
سلوك النظام السوري باستغلال ملف المساعدات الإنسانية يفاقم نتائج الكارثة التي ألمّت بسوريا
– خلال فترة النزاع يمتلك النظام السوري سجل اسود في ملف المساعدات الإنسانية فقد عمد النظام السوري وأجهزته الأمنية إلى التحكم والسيطرة على المساعدات الإنسانية فقد سيطر النظام السوري بشكل محكم على ملف المساعدات الإنسانية في مناطق سيطرته والتي قدرت بـ 30 مليار دولار بين 2013 – 2021 وذلك من خلال الاستغلال والتمسك بقرار الأمم المتحدة رقم 46/182 وبناءً عليه فقد فرض النظام على وكالات الأمم المتحدة أن يكون تسليم المعونات بواسطة الهلال الأحمر السوري بعد موافقة لجنة الإغاثة العليا للحكومة السورية مما يسمح للنظام بالتحكم فيمن يتلقى الإغاثة ومكانها وزمانها وتؤكد تقارير عدة سطوة النظام وتلاعبه بالمساعدات الإنسانية واستغلالها لدعم فئات معينة بينها مقربون منه وعائلات قتلى في قواته وأشخاص يتمتعون بنفوذ في مناطق سيطرته ويحصل كل ذلك على حساب السكان المستضعفين.
ويوضح تقرير أصدره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS بعنوان “إنقاذ المساعدات في سورية” في 14 فبراير/ شباط 2022 أن النظام السوري تلاعب بالمساعدات الإنسانية طوال سنوات من خلال الإصرار على توزيع المساعدات الأممية عبر الهلال الأحمر ما سمح لحكومته بتوزيع المساعدات بعيداً عن رقابة ونظر مؤسسات الأمم المتحدة علماً أنها المرة الأولى التي تسمح فيها الأمم المتحدة بتدخل الحكومة في توزيع المساعدات ويشدد التقرير على أن “الأمم المتحدة وثقت تلاعب النظام بالمساعدات الإنسانية عام 2016 وأن مكتبها للشؤون الإنسانية (أوتشا) ربط التلاعب بافتقاد التحليل والتقييم المناسبين للاحتياجات وقد استند التقرير إلى مقابلات أجريت مع أكثر من 130 من مسؤولي الأمم المتحدة وعمال الإغاثة والمفاوضين والدبلوماسيين والعاملين في مجال الاستجابة الإنسانية و اكد التقرير أن النظام السوري يتلاعب بالمساعدات الإنسانية في سوريا بشكل متكرر من خلال منعها عن معارضيه ومنحها لآخرين.
لم يكتف النظام السوري بتحكمه بالمساعدات الإنسانية بل عمد إلى تحويل هذه المساعدات إلى سلاح يستخدمه ضد الشعب السوري فقد صدر تقرير عن الرابطة السورية لكرامة المواطن بعنوان ( كيف يحول النظام السوري المساعدات الإنسانية إلى سلاح ( الأساليب التي ينتهجها النظام للسيطرة على الدعم الانساني وتوظيفه لخدمة سياساته فقد تم توثيق تحويل النظام للمساعدات الإنسانية التي يعتمد عليها غالبية الشعب السوري إلى سلاح حقيقي، حيث تمَّ على مستوًى دوْليٍ تقديم فائض من الأدلة على أن نظام الأسد قام بشكلٍ متعمَّد بتجويع المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة وبابتزاز منظمات الأمم المتحدة للاستيلاء على المساعدات الإنسانية وتحويلها لصالح القوات العسكرية والميليشيات كما استعملت قضية المساعدات الإنسانية لدعم استراتيجيته العسكرية ودعم اقتصاد الحرب في مناطقه عن طريق الدعم والمساعدات الإنسانية المخصصة لتلك المناطق، بالإضافة إلى تكتيكات أخرى تضمَّنت استعمال المنظَّمات الإنسانية للدفع بأجندته.
كما صدر تقرير عن منظمة Human Rights Watch بعنوان نظام مغشوش سياسة الحكومة السورية لاستغلال المساعدات الإنسانية و تمويل إعادة الإعمار و خلص لتقرير إلى إن نظام الدولة المنتهِك إلى جانب انعدام القدرة على الوصول والشفافية يترَجم إلى خطر كبير من أن تستخدم الحكومة السورية المساعدات لتمويل انتهاكات حقوق الإنسان وتمنعها من الوصول إلى الأفراد الذين يحتاجون إليها – ما يؤدي إلى مجموعة من الانتهاكات المحتملة الجديدة للحقوق الأساسية هذه السياسات لا سيما القيود على الوصول إلى جانب العوامل الرئيسية الأخرى بما فيها استمرار خطر الاعتقال والتعذيب والاضطهاد تسهم في عجز هذه المنظمات عن لعب دور في الإعادة الطوعية للسوريين و أكد لتقرير تلاعبت الحكومة السورية بنظام تقديم المساعدات الإنسانية لضمان أن تحل فائدة الدولة محل احتياجات السكان. وبذلك فقد عرقلت قدرة كل منظمة أو وكالة إنسانية على وضع البرامج وإعادة توجيه الأولويات نحو الحصول على قدر أكبر من الوصول والموارد بدلا من خدمة المستفيدين بشكل غير منحاز.
ما إن دخلت المساعدات إلى مناطق سيطرة النظام السوري حتى ظهرت الفضائح بتوثيق الموالين للنظام كيف يتم سرقة هذه المساعدات فقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور و فيديوهات تبين ان هذه المساعدات أما تباع في الأسواق أو تستبدل بمواد منتهية الصلاحية و تتهم المسؤولين عن توزيعها بالفساد و هذا لا يستغرب حسب ما تم ذكره سابقا فهذا التاريخ الأسود الذي يوسم النظام السوري و أجهزته الأمنية و مؤسساته الحكومية المستشري فيها الفساد من سرقة المساعدات الإنسانية السابقة التي قدمت للسوريين لن يختلف التعامل كثيرا مع هذه المساعدات و إن كانت جاءت بظروف كارثة إنسانية لكن هذا لن يغير واقع الحال وهذا ما يؤكده الزيارة التي قام بها رأس النظام السوري بشار الأسد لأحدى المناطق المنكوبة بسبب الزلزال في مدينة حلب و ابتسامته البلهاء أن هدف هذا النظام هو استغلال مأساة السوريين لأغراض سياسية تضمن بقائه حاكما فوق انقاض السوريين.