أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد المرسوم /127/ لعام 2022 أعاد من خلاله تشكيل المحكمة الدستورية العليا وعيّن الأسد، بحسب المرسوم الذي نشرته وكالة أنباء النظام “سانا”، 4 أعضاء جدد في المحكمة، في حين جدد لـ 6 أعضاء. وأبقى المرسوم على 6 أعضاء سابقين المحامي محمد جهاد اللحام (رئيس مجلس الشعب السابق) رئيساً للمحكمة إضافة إلى كل من رسلان علي طرابلسي ومالك كمال شرف، وجميلة مسلم الشربجي، وسعيد عبد الواحد نحيلي، وماجد رشيد خضرة ومعتصم سكيكر. كذلك أضاف 4 أعضاء جدد وهم: فارس ملحم صطوف، وديبو عبد السلام شحادة، إضافة إلى ميساء أنور المحروس، ووسام بديع يزبك.
المحكمة الدستورية العليا في سوريا المحدثة بالقانون رقم 7 لعام 2014
وتعرّف المحكمة الدستورية العليا بأنها “هيئة قضائية مستقلة مكونة تؤلف المحكمة الدستورية العليا من 11 عضو يكون أحدهم رئيسًا يسميهم رئيس الجمهورية بمرسوم بمدة عضوية تمتد لـ 4 أعوام قابلة للتجديد اعتباراً من تاريخ أداء القسم الدستوري”.
مهام المحكمة الدستورية العليا
ومن المفترض بحسب دستور البلاد أن تكون المحكمة
1- مسؤولة عن مراقبة دستورية القوانين والمراسيم التشريعية واللوائح والأنظمة
2- إضافة إلى إبداء الرأي بناء على طلب من رئيس الجمهورية في دستورية مشروعات القوانين والمراسيم التشريعية وقانونية مشروعات المراسيم.
3- يضاف إلى ذلك الإشراف على انتخاب رئيس الجمهورية وتنظيم الإجراءات الخاصة بذلك والنظر في الطعون الخاصة بصحة انتخاب رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الشعب والبت فيها
4- محاكمة رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العظمى
المعوقات في ممارسة المحكمة الدستورية لصلاحيتها في سوريا
« كل مجتمع لا يكون فيه ضمانات لحقوق الإنسان والمواطن أو لا يوجد فيه فصل للسلطات هو مجتمع لا دستوري » إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر عن الجمعية التأسيسية الوطنية الفرنسية في 26 آب/ أغسطس لعام 1789 1- عند استيلاء حزب البعث على الحكم في سوريا وقام حافظ الأسد بوضع دستور 1973 ومن ثم قام بشار الأسد بوضع دستور 2012 وجرى التراجع عمّا كان منصوصًا عليه في دستور 1950 ولا سيما لجهة استقلالية المحكمة والصلاحيات الممنوحة لها وذلك في عدة نقاط و هي:
A- نجد في دستور 1950 أنه نص على وجوب انتخاب أعضاء المحكمة العليا من قبل مجلس من ضمن قائمة تضم 14 عضواً، أحدهم رئيسها، يسمّون من قبل رئيس الجمهورية بينما دستور 2012 يتم تعينه من قبل رئيس الجمهورية
B – حرمان المحكمة الدستورية من الحق من تلقاء نفسها بالنظر في القوانين الصادرة عن مجلس الشعب أو المراسيم الصادرة عن رئيس الجمهورية و مراقبة دستوريتها وذلك لان القانون حصر اختصاصها بطلب من رئيس الجمهورية أو خمس أعضاء مجلس الشعب تختص بالرقابة على دستورية القوانين والمراسيم التشريعية واللوائح والأنظمة، وإبداء الرأي في دستورية مشروعات القوانين والمراسيم التشريعية وقانونية مشروعات المراسيم واقتراحات القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشعب ولم يبين القانون في ما إذا كان رأيها ملزمًا لرئيس الجمهورية أو لرئيس مجلس الشعب أم لا.
C- حرمان المحكمة الدستورية من وضع يدها تلقائيًا على الدعوى، ويعني أيضًا حرمان الأفراد والجمعيات والنقابات والأحزاب من اللجوء مباشرة إلى المحكمة الدستورية، الأمر الذي جعل من الصعب جدًا على المحكمة ممارسة دورها الرقابي إلا إذا سمح رئيس السلطة التنفيذية بذلك،ويشترط القانون هنا حتى يتمكن الأفراد من الطعن بدستورية قانون ما أن تكون هناك دعوى قائمة ومنظورة أمام القضاء فيطعن أحد أطراف الدعوى بعدم دستورية القانون الذي طبقته محكمة الدرجة الأولى، وعلى المحكمة إذا اقتنعت أن الدفع المتعلق بعدم دستورية القانون جدّي وصحيح أن تقرر وقف السير بالدعوى وإحالتها بوضعها الراهن على المحكمة الدستورية العليا لتقول رأيها في مدى دستورية القانون المطعون هذه الآلية المعقدة عمليًا جعلت قبول دفع الأفراد بعدم دستورية أي قانون مرتبطًا بدعوى قائمة ومحصورًا بأطراف الدعوى وبالنتيجة يبقى قرار قبول إحالة الدفع إلى المحكمة الدستورية العليا مرهونًا بقناعة المحكمة
D- تختص المحكمة بالإشراف على انتخاب رئيس الجمهورية وتنظيم الإجراءات الخاصة بذلك، والنظر في الطعون الخاصة بصحة انتخاب أعضاء مجلس الشعب والبت فيها، ومحاكمة رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العظمى فقط، والطريف هنا أن تهمة الخيانة العظمى ليس لها وجود في قانون العقوبات السوري ولا يوجد لها تعريف واضح لذلك لا يمكن تقنيا محاكمة رئيس الجمهورية بينما نجد في دستور عام 1950 أن المحكمة العليا كانت تستطيع محاكمة رئيس الجمهورية بتهمة الخيانة العظمى أيضًا ومخالفة الدستور وعلى الجرائم العادية..
حصن نظام الأسد سلطته التنفيذية
كاحد أمثلة الأنظمة الشمولية الاستبدادية الديكتاتورية في العالم – من أي خرق فهو يتحكم بمؤسسة التشريع متمثلة بمجلس الشعب و يتحكم بمؤسسة القضاء متمثلة بوزارة العدل و تعين القضاة و طبعا هو رئيس السلطة التنفيذية مما جعل السلطة التنفيذية تطغى على السلطة التشريعية و القضائية و تتحكم بكافي مفاصل شؤون الحياة في سورية مما جعل القضاء الدستوري عاجز عن ممارسة صلاحيته وهذا مخالف للدستور و القانون الدولي
أصدر نظام الأسد العديد من التشريعات والقوانين والنصوص القانونية المخالفة للدستور و القانون الدولي الهدف منها تضيق الحريات على الشعب و زيادة استبداده في نظام حكمه وهنا يأتي دور الذي يجب أن تقوم به المحكمة الدستورية في تنظيف التشريعات والقوانين السابقة المخالفة للدستور ويجب على المحكمة الدستورية على إنجاز هذه المهمة مثل قوانين :
مكافحة الإرهاب – قانون السلطة القضائية – قانون المحكمة الدستورية – قانون عمل النقابات مراسيم تشريعية ملاحقة عناصر الشرطة والأمن السياسي – الحجز على أموال وممتلكات – المعارضين ونشطاء حقوق الإنسان – تنظيم إدارة أمن الدولة – إدارة المخابرات العامة – منح أجهزة الأمن سلطات الضابطة العدلية والضابطة الجمركية
تعطيل عمل المحكمة الدستورية
رغم تقدم المحامين بالدفوع التي أمام القضاء العادي ومحكمة أمن الدولة العليا سابقا وحتى أمام محكمة الإرهاب حاليا خلال محاكمة آلاف المعارضين السياسيين وناشطي حقوق الإنسان أمام محاكم تعتبر اداة نظام الأسد القانونية للانتقام من المعارضين لم تتحرك المحكمة الدستورية العليا ولم تصدر أي راي قانوني حول مشروعية هذه القوانين و المحاكم و الإجراءات التي تعد انتهاك صارخ للدستور السوري بداية ولقانون حقوق الإنسان القانون الدولي عموما
أهمية ودور المحكمة الدستورية العليا (المستقلة) كأحد اهم الخطوات لتحقيق الانتقال السياسي
1- يعتبر القضاء الدستوري في البلدان المتقدمة الضامن لتطبيق الفصل بين سلطات الدولة ويمنع تغوّل سلطة على سلطة أخرى خلال ممارسته لوظيفته الرقابية لمدى التزام المشرع بمبدأ الفصل بين السلطات والحفاظ على التوازن بينها واحترام حدود كل سلطة منها.
2- القضاء الدستوري يعزز مبدأ سيادة القانون من خلال مراقبة تطبيق النصوص الدستورية وإنفاذها تجاه المؤسسات والإدارات العامة والمسؤولين وتأمين الدعم للقضاء العادي وحماية استقلاله من أي تدخل من جانب السلطة
3- يضمن القضاء الدستوري انتظام الحياة السياسية في الدولة من خلال دوره المهم في الإشراف على قوانين الانتخاب وعلى العملية الانتخابية بشفافية و حيادية والتصديق على نتائجها.
4- القضاء الدستوري أداة مهمة لحماية حقوق الناس وحرياتهم من خلال مراقبته تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات والعمل على التوازن بينها وذلك بأن يكو النص التشريعي يراعي افي أحكامه الحقوق والحريات للافراد و للمجتمع سواء بما يتوافق مع القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان
5- كل مجتمع لا يكون فيه ضمانات لحقوق الإنسان والمواطن أو لا يوجد فيه فصل للسلطات هو مجتمع لا دستوري حتى نعمل على بناء سورية المستقبل وترسيخ العدالة الانتقالية و السلام الدائم والعيش المشترك يجب أن تكون هذه المؤسسات تضمن سيادة القانون لا تمجيد فيها لرئيس السلطة التنفيذية وإنما ولاء مؤسساتها للشعب وحده تضمن هذه المحكمة أن يكون عمل هذه المؤسسات تعزيزا للنظام الديمقراطي وضمان لحقوق الأفراد و المجتمع من أي انتهاك يشكل مخالفة لقانون حقوق الإنسان