الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي يصدر قرار باعتماد الرأي في قضية لاعتقال نازحين عائدين من مخيم الركبان من قبل النظام السوري ويحيل القضية إلى أربع مقررين في مجلس حقوق الإنسان
أصدر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في مجلس حقوق الإنسان القرار رقم 42/2023 في دورته السابعة والتسعين وذلك باعتماد الرأي في قضية مؤيد وولده عبد العزيز العبيد وهما نازحين داخليا عائدين من مخيم الركبان خرجوا من مخيم الركبان بموجب مصالحة بإشراف نائب قائد القوات المسلحة الروسية في سوريا رئيس المركز الروسي للمصالحة بين أطراف النزاع اللواء فيكتور كوبتشيشين وذلك بمشاركة الأمم المتحدة وممثلي عن النظام السوري وذلك بموجب خطة سعت الحكومة الروسية لتنفيذها بالاتفاق مع النظام السوري و تقضي بتفكيك مخيم الركبان وإجلاء سكان المخيم وضمان سلامتهم وعدم اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية السورية
السياق الزمني للقضية
رغم وجود كل هذه الأطراف الضامنة من الجانب الروسي و اشراف الامم المتحدة وعند خروج مؤيد و وولده عبد العزيز العبيد من المخيم بتاريخ 15/8/2020 و إرسالهم إلى مركز إيواء مؤقت في حمص تم التحقيق معهم من قبل ما يسمى باللجنة الأمنية المشتركة لمعالجة قضايا العائدين إلى مخيم الركبان وهي لجنة مكونة من مختلف فروع الأجهزة الأمنية السورية و أمرت اللجنة باعتقالهم بتاريخ 7/11/2020 بجرم إخفاء جريمة إرهابيه بموجب المادة 10 من القانون رقم 19 لسنة 2012 وتم إحالتهم لمحكمة الإرهاب وصدر قرار من المدعي العام لمحكمة الإرهاب بالإفراج عنهما لشمول الجرم بالمادة 5 من مرسوم العفو رقم 6 لعام 2020 ولكن ضابطة السلطة العدلية لن تقرح عهم وأحالتهم تباعا لفرع الأمن الجنائي و فرع الأمن العسكري و السياسي في حمص حتى تم إطلاق سراحهما في 31/12/ 2020 اي أن الإجراءات من خروجهم من مخيم الركبان حتى إطلاق سراحهم كانت حوالي أربعة اشهر ونصف.
بعد إطلاق سراحهما، عاد مؤيد وولده عبد العزيز العبيد إلى منزلهما في بلدة القريتين. لكن، في 5 /2/2021 قامت دورية تابعة لفرع الأمن العسكري في البادية باعتقالهم مرة أخرى دون أمر قضائي. ومن ثم اقتادتهم إلى فرع البادية في تدمر.
تم الإبقاء عليهم في الفرع دون السماح لأحد بالتواصل معهم أو وكيل قانوني للدفاع عنهم وتم تعريضهم لمختلف أنواع للتعذيب لانتزاع الاعترافات ثم بتاريخ 27/4/2021 تم إحالتهم إلى ما يسمى بشعبة المخابرات العسكرية في دمشق بعد اتهامهما بجرم الخيانة والتجسس وفق المواد 264- 265- 270- 271 من قانون العقوبات هذه الجريمة تتم محاكمته أمام المحاكم العسكرية ولا يشمله أي عفو. ويمكن أن يعاقب عليها بالإعدام إذا ارتكبت لصالح دولة معادية كونها تعتبر من الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي
قامت شعبة الاستخبارات العسكرية، بتاريخ 1/5/2021 ، بإحالة السيد مؤيد وولده عبد العزيز العبيد إلى فرع الأمن العسكري رقم 235 وما يعرف بين السوريين فرع فلسطين سيء السمعة وظلوا هناك قيد التحقيق حتى 27/10/2021 إلى أنهم أُعيدوا لاحقاً إلى شعبة المخابرات العسكرية في دمشق. وبتاريخ 1/12/2021 تم نقلهما إلى سجن صيدنايا وعلمت الاسرة من مصادر غير رسمية أنهما يحاكمان أمام محكمة الميدان العسكرية وبتاريخ 1/11/2022 تلقت أسرة مؤيد وولده عبد العزيز معلومات عبر قنوات غير رسمية، تفيد بوفاتهما. وتفيد التقارير أنه من المرجح جداً أن يكونا قد أُعدما خارج نطاق القضاء أو توفيا نتيجة للتعذيب.
هيكلية التحقيق و الإجراءات القانونية للقضية
-
لجنة التحقيق الدولية
عمل الفريق القانوني في رابطة المحامين السوريين الأحرار FSLA على القضية منذ تاريخ 24/10/2022 و بدء بجمع الأدلة و توثيق شهادات ذوي الضحايا و الشهود والحصول على قرارات محكمة الإرهاب بخصوص الضحايا و قرار إجلاء سكان مخيم الركبان و إنشاء هيكلية لحواجز الأمنية التي تحاصر مخيم الركبان و طريقة تعامل هذه الحواجز مع سكان المخيم و السياق الزمني و القانوني للقضية وجمع المعلومات من المنسق الميداني لمخيم الركبان وعائلات الضحايا والحصول على موافقة مستنيرة من الشهود والأقارب وتم إرسال وقائع القضية إلى لجنة التحقيق الدولية بتاريخ 30 /11/ 2022 لقد قامت بالإشارة إلى هذه القضية في التقرير رقم A/HRC/52/69 الصادر عن لجنة التحقيق الدولية في مارس 2023.
-
الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان
تم الاتفاق بين رابطة المحامين السوريين الأحرارFSLA و البرنامج السوري للتطوير القانوني SLDP بالتعاون المشترك لتقديم القضية للإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان وتم العمل على التحليل القانوني وتقديم الادعاء العام بشكل مشترك بتاريخ 15/2/2023 للفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في 23 /5/ 2023 أحال الفريق العامل الادعاءات الواردة من المصدر إلى النظام السوري بموجب إجراء الاتصال العادي.
وطلب الفريق العامل من النظام السوري تقديم معلومات مفصلة حول الوضع الحالي مؤيد و عبد العزيز العبيد
قدم النظام السوري رده بتاريخ 24/7/2023 و الذي جاء عاما بدون تقديم اي معلومات عن المعتقلين ومكان تواجدهما و الجهة القضائية التي يحاكمون أمامها و أقتصر الرد على التشريعات والقوانين لمتعلقة بالاعتقال والمحاكمة والسجن تأخذ في الاعتبار جميع المعايير القانونية والقضائية الدولية ذات الصلة.
ويتم تطبيق التشريعات بشكل صارم خلال كافة مراحل الاعتقال والمحاكمة والسجن، وتضمن حقوق الأشخاص خلال هذه المراحل وفقاً لأحكام دستور والتزاماتها بموجب القانون الدولي ومعاملة الإرهابيين الأجانب وتسليمهم لبلادهم الأصلية
تم بتاريخ 28/7/2023 قام المنظمتين بتقديم الملاحظات على الرد المقدم من قبل النظام السوري وتضمنت أن رد النظام السوري يفتقر إلى التحديد ولا يتناول الادعاءات المحددة الواردة في الإدعاء وأن النظام السوري يشير عموماً إلى القوانين السورية دون الاعتراف بالقوانين والممارسات والمحاكم المذكورة في التحليل القانوني المقدم بالإدعاء.
وأن التشريعات والقوانين وممارسات النظام السوري المتعلقة بالاعتقال والمحاكمة والسجن تنتهك القانون الدولي بشكل صارخ. هناك أمثلة محددة في الإدعاء، مثل المرسوم التشريعي رقم 55، والمحكمة العسكرية الميدانية، ومحكمة مكافحة الإرهاب، والتي لم يتناولها النظام السوري في رده، تؤكد خطورة تلك الانتهاكات.
وبالنسبة لرد النظام حول معاملة الإرهابيين الأجانب وتسليمهم، وهو أمر لا علاقة له بالقضية الحالية. ومؤيد وعبد العزيز العبيد مواطنان سوريان وهم من المدنيين النازحين داخلياً من سكان مخيم الركبان. و تم التأكيد أن النظام السوري في رده لم تنكر أياً من الادعاءات المقدمة و إن هذه القضية تمثل نمطاً وسياسة حكومية تتمثل في استخدام الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والمحاكم الاستثنائية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين.
قرار الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في القضية و التحليل القانوني
طالبت المنظمتين بموجب الإدعاء المقدم للفريق العامل أن القضية بأن الاحتجاز ينطبق عليه أربع فئات المعتمدة لدى الفريق العامل و طالبت اعتماد الرأي ضمن هذه الفئات بهذه القضية فيما يتعلق بالتعسف في الاحتجاز بناء على التحليل القانوني و المعلومات و الوقائع المقدمة وقام الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بفحص كافة الأدلة و الوثائق و الشهادات و رد النظام السوري و ملاحظات المقدمة على رد النظام السوري وقد صدر القرار من الفريق العامل بالاحتجاز التعسفي يتضمن البنود التالية
- بعد فحص الفريق العامل ما إذا كان الوضع المعروض هو حالة احتجاز تعسفي يقرر أن الحرمان من الحرية لمؤيد وعبد العزيز العبيد، مخالفاً للمواد 2 و7 و8 و9 و10 و19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواد 2 و9 و14 و19 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فهو إجراء تعسفي ضمن الفئة
( الأولى والثانية والثالثة والخامسة ) ويندرج ضمن ضمن الفئات الخمس المعتمدة من قبل الفريق العامل للنظر في الحالات المقدَّمة إليه. - ويرى الفريق العامل أنه، مع مراعاة جميع ملابسات القضية، ولا سيما الوفاة المزعومة للسيد مؤيد وعبد العزيز العبيد أثناء الاحتجاز فإن سبيل الانتصاف المناسب هو منح أسرتهما حق اللجوء. حق قابل للتنفيذ في التعويض وغيره من أشكال الجبر، وفقاً للقانون الدولي.
- يحث الفريق العامل النظام السوري على ضمان إجراء تحقيق كامل ومستقل في الظروف المحيطة بالحرمان التعسفي من الحرية ل مؤيد و عبد العزيز العبيد واتخاذ التدابير المناسبة ضد المسؤولين عن انتهاك حرية التعبير. حقوقهم.
- يحيل الفريق العامل هذه القضية إلى المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، المقرر الخاص المعني بالمحاكمة خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو بإجراءات موجزة. الإعدام التعسفي، والمقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين، والمقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمشردين داخلياً، لاتخاذ الإجراءات المناسبة.
- يطلب الفريق العامل من النظام السوري نشر هذا الرأي بجميع الوسائل المتاحة وعلى أوسع نطاق ممكن.
- إجراءات المتابعة :
- ويطلب الفريق العامل من المنظمتين والنظام السوري تزويده بمعلومات عن الإجراءات المتخذة لمتابعة التوصيات المقدمة في هذا الرأي،
- إذا كان قد تم تقديم تعويضات لأسرة مؤيد وعبد العزيز العبيد ما إذا كان قد تم إجراء تحقيق في انتهاك حقوق مؤيد وعبد العزيز العبيد ووفاتهما أثناء الاحتجاز وإذا كان الأمر كذلك ما هي نتيجة التحقيق
- ما إذا كانت أي تعديلات تشريعية أو تغييرات في الممارسة قد تم إدخالها لمواءمة قوانين وممارسات النظام السوري مع التزاماته الدولية بما يتماشى مع هذا الرأي
- يجب تقديم المعلومات المذكورة أعلاه في غضون ستة أشهر من تاريخ إرسال هذا الرأي. ومع ذلك يحتفظ الفريق العامل بالحق في اتخاذ إجراءاته الخاصة لمتابعة الرأي إذا تم لفت انتباهه إلى مخاوف جديدة فيما يتعلق بالقضية.
- من شأن هذا الإجراء أن يمكن الفريق العامل من إبلاغ مجلس حقوق الإنسان بالتقدم المحرز في تنفيذ توصياته، وكذلك بأي فشل في اتخاذ أي إجراء.
الأهمية القانونية و السياسية لهذا القرار
تكمن الأهمية في صدور هذا القرار عن الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في اعتماد الرأي في هذه القضية من عدة نواحي :
صدر عن الفريق العامل في السياق السوري فقط 9 قرارات باعتماد الرأي اخرها كان في عام 2015 وذلك منذ اندلاع الثورة في سورية في عام 2011 حتى عام 2023 بالرغم من كم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي مارسه النظام السوري و اجهزته الأمنية بحق السويين و هذا بسبب أن هذا الإجراء يتطلب شروط و إجراءات قانونية دقيقة يجب تحقيقها من قبل الجهة مقدمة القضية و متابعة متواصلة مع الفريق العامل وتقديم التحليل القانوني والردود بشكل مهني وموضوعي و تم إحالة الرأي إلى أربع مقررين لاتخاذ الإجراءات المناسبة مما يعني أن القضية سوف تستمر قانونا في مجلس حقوق الإنسان وسوف يصدرون قرارات بهذه الانتهاكات حسب الولاية الموضوعية لكل مقرر
ؤكد هذا القرار أهمية عمل منظمات المجتمع المدني السورية في السياق السوري و ووصلوها لدرجة من المهنية القانونية في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان بما يتوافق مع المعايير الدولية
أهمية التعاون بين منظمات المجتمع المدني السورية في تحقيق التكامل في العمل القانوني بشكل مهني و تقني لمخاطبة هيئات مجلس حقوق الإنسان بما يتوافق مع الإجراءات الشكلية و الموضوعية التي تتطلبها هذه الهيئات
أهمية التفاعل مع الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان في السياق السوري وتوثيق أانتهاكات حقوق الإنسان في السياق السوري و يشكل هذا القرار حافز لدى منظمات المجتمع المدني السوري على العمل ضمن هذه المنهجية القانونية التي تم اتباعها في تقدم القضية حتى الحصول على قرار باعتماد الرأي
يؤكد القرار بشكل قاطع سياسية و نهج النظام السوري متمثلا بسلطته التشريعية و التنفيذية القضائية بتنفيذ حلقة متكاملة من الانتهاكات لحقوق الإنسان في سوريا تبدأ هذه الحلقة منذ توقيف الشخص سواء كان بمذكرة قضائية او بدون مذكرة قضائية او تم اختطافه او بأي طريقة من الطرق وتنتقل من هذه العملية الى حالة الاختفاء القسري وثم تنتقل الى عقوبات غير إنسانية وتنتقل الى العرض امام محكمة غير عادلة وتفضي إلى اعدامات بطريقة موجزة ويحكم الشخص المعتقل او يتوفى ولا يعلم ذويه شيء عن مصيره
يؤكد القرار أن الاجهزة الأمنية له السلطة العليا في سوريا وهي فوق القانون ولا تلتزم بقرارات السلطة القضائية ويمكن لها توقيف اي شخص دون مذكرة قضائية ورفض إطلاق سراح الموقوف رغم صدور قرار من القضاء بإطلاق سراح الموقوف و من ثم يمكن لهذه الاجهزة توقيف الاشخاص وتلفيق التهم الكيدية و انتزاع الاعترافات بالإكراه بجرائم تصل عقوبتها للإعدام
يؤكد القرار لأنه لا يوجد ضمانة من اي دولة أو جهة دولية أو أممية لعودة اللاجئين و النازحين بشكل آمن إلى سوريا كون وقائع هذه القضية أكدت أنه بالرغم من كون روسيا هي الراعي و الضامن الرئيسي لاتفاق عودة النازحين من مخيم الركبان إلا أن الأجهزة الامنية قامت باعتقال العائدين من مخيم الركبان في المرة الأولى و تم الإفراج عنهم بعد حوالي أربع أشهر ونصف من الاعتقال التعسفي و من ثم قامت مرة أخرى باعتقالهم ولم يفرج عنهم ولا يعلم مصيرهم حتى تاريخه ولم تقم روسيا بأي اتخاذ اي إجراء عملي يضمن عدم تعرض العائدين للاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية السورية و ما هي إلا دعاية كاذبة رخيصة للترويج السياسي للنظام السوري على حساب أرواح و حرية السوريين
يؤكد القرار على فضح انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها النظام السوري ضد لشعب السوري ويوجه تحذيرات للنظام السوري أن هذه الانتهاكات تتابع من المجتمع الدولي مما يعزز ممارسة الضغط الدولي على النظام السوري والدول الداعمة له في الأمم المتحدة للرضوخ للحل لسياسي الذي يضمن تحقيق العدالة للشعب السوري
نتوجه بالشكر للمنسق الميداني لفريق FSLA في مخيم الركبان وكل الشكر و التضامن مع ذوي الضحايا لجهودهم وتعاونهم وثقتهم المطلقة في أن العدالة سوف تتحقق لذويهم و لولا جهودهم جميعا لما صدر هذا القرار