تعريف عن مراكز التحكيم والخدمات التي تقدمها:
بدأت رابطة المحامين السوريين الأحرار إنشاء المراكز التحكيمية منذ العام 2012 وعملت في 9 محافظات سوريةٍ طيلة السنوات الثماني المنصرمة، حلت خلالها المئات من الخلافات الشخصية بين الأفراد، حيث كان مركز التحكيم مؤلفاً من 3 الى 5 محامين ورجال قانون يقومون بتقديم الاستشارات القانونية لمن يطلبها، كما ويقومون بالنظر في دعاوى التحكيم التي يتم عرضها من قبل طالبي التحكيم، كما يقوم عناصر مراكز التحكيم بتنفيذ عيادات قانونية خارجية في المخيمات والتجمعات السكنية البعيدة نسبياً عن مكتب المركز حيث يتم تحديد يوم في الأسبوع يتوجه فيه عدد من عناصر المركز الى مكان محدد خارج منطقة العمل ويقدمون فيه خدماتهم القانونية لمن يطلبها، وبلغت أعداد المستفيدين من الاستشارات القانونية التي قدمتها مراكز التحكيم عشرات الالاف خلال سنوات العمل الماضية، تحصّلت فيها مراكز التحكيم على ثقة المجتمعات المحلية التي عملت فيها بسبب خدماتها المباشرة سالفة الذكر وقربها من السوريين وطبيعة حياتهم وتعاملاتهم ونتيجة فهمٍ كبير للقانون والعرف السوري.
كما ساهمت مراكز التحكيم في دعم قضية المرأة السورية وإيصالها الى حقوقها عن طريق معالجة أبرز المشاكل التي تواجهها بالعديد من المحاضرات والتدريبات والفعاليات التي سلطت الضوء على أبرز تلك المشاكل ومواجهتها بمساعدة رجال الدين والقانون والأعيان في منطقة العمل..
كما حاولت مراكز التحكيم خدمة النازحين بكل ما أوتيت من قوة كونهم الطبقة الضعيفة التي تحتاج دعماً لا محدوداً وعلى كافة المستويات، وذلك عن طريق تدريبات ترفع من سوية النازحين وتعمل على إكسابهم خبرات تساعدهم على الانخراط في سوق العمل..
وأخيراً عملت مراكز التحكيم على مساعدة فئة الشباب على تجاوز العقبات التي يعيشونها على هامش الحرب في سوريا والتي تسببت بتحطيم أحلامهم وآمالهم وأنهت دراسة الالاف منهم وجعلت من بعضهم وقوداً للحرب وأداتها الضاربة، حيث أفردت لهم أحياناً دورات تدريبية لبناء قدراتهم للانخراط في أسواق العمل او في منظمات المجتمع المدني، وأحياناً أخرى عملت على تثقيفهم قانونياً وسياسياً ليسهموا في العملية السياسية المنشودة بدل أن يجلسوا متفرجين على أطرافها..
وكان مشروع مراكز التحكيم قد بدأ بصيغته الثانية مدعوماً من GIZ “المنظمة الألمانية للتعاون الدولي” من تاريخ 1 / 10 / 2018 واستمر حتى نهاية نوفمبر 2021 بمحاوره القانونية الرئيسية
هدف المشروع الأساسي
تعزيز قدرات المجتمعات على حل نزاعاتها العامة وقضاياها القانونية، وبالتالي زيادة قدرة المجتمع على مقاومة تأثير وسيطرة أي قوة خارجية متطرفة، وذلك عن طريق إنشاء نظام قانوني محدث قائم على التحكيم والتوفيق بين الناس في مناطق العمل.
حيث يجمع النظام المُحدث خليطاً من رجال القانون من جهة مع أبرز الفاعلين في المجتمع من جهة أخرى تحت مسمى لجنة التحكيم، ما يعني أن القوام الأساسي للعمل في مراكز التحكيم هم المحامون والحقوقيون من نفس منطقة العمل أو المتواجدين فيها، ويعود ذلك لسببين: أولهما هو قدرة المحامين على تطبيق القانون وأحكامه ما يجعلهم العمود الفقري في عمل مركز التحكيم، أما الثاني فهو معرفتهم لمنطقة العمل والمؤثرين فيها وطبيعة أهلها وتفكيرهم لأن ذلك يفيد كثيراً خلال العمل على حل الخلافات أو المشاكل الحاصلة في المنطقة.
ثم يتم بناء قدرات أعضاء اللجنة على مجموعة من المواضيع القانونية وأهمها “التحكيم” فتقوم اللجنة بعدها بحل المشاكل في المجتمع لما تتمتع به من احترام وثقة كبيرين ناتج عن احترام أعضاءها الفاعلين والمؤثرين كأفراد وكذلك الثقة في المحامين كرجال قانون من أبناء المنطقة نفسها.
كما كانت مراكز التحكيم مقرات لتدريب أبناء مناطق العمل وتمكينهم في العديد من المواضيع، ومركز حوارات شمل العديد من شرائح المجتمع المهمشة أو الضعيفة مثل النساء والشباب والنازحين، وتم العمل على إيصال أصوات المشاركين والمشاركات في تلك الحوارات، بل وتم العمل الى التوصل الى حلول لبعض تلك المشاكل وخصوصاً منها القانونية.
يتضمن المشروع مجموعة من الأنشطة مثل:
- ⦁ مجموعة حوارات تجمع عدة فئات من الأطراف الفاعلة في المجتمع في مناطق العمل.
- ⦁ التدريبات الخاصة بلجنة التحكيم لبناء قدرات أعضاءها نظرياً وعملياً على التعاون في حل المشاكل او الخلافات القانونية المعروضة على اللجنة.
- ⦁ التدريبات الخاصة بتمكين الفئات المجتمعية الضعيفة أو المهمشة كالنساء والنازحين والشباب
- ⦁ مجموعة من المحاضرات التي يقدمها رجال القانون من المنطقة تستهدف تسليط الضوء على أبرز المشاكل القانونية التي تشهدها المنطقة والتي تحتاج الى تعاون جميع الأطراف لحل تلك المشاكل.
- ⦁ تقديم الاستشارات القانونية لمن يطلبها في مكاتب العمل.
- ⦁ إجراء عيادات قانونية متنقلة تستهدف خدمة النازحين في المخيمات.
- ⦁ حل النزاعات القانونية من قبل اللجنة بدل توجه تلك الخلافات الى محاكم تابعة لهيئة تحرير الشام وبالتالي قطع الطريق على مؤسسات الهيئة وإبعاد الناس عن الاعتماد على تلك المؤسسات لتقديم الخدمات العامة.
- ⦁ تقوية العلاقات مع منظمات المجتمع المدني لتأسيس جبهة مقاومة ناعمة ضد القوى المتطرفة المسيطرة على المنطقة، بهدف الإبقاء على حيز العمل المدني في المنطقة وتقويته وفق المستطاع.
كما أن انتشار وباء كورونا وضرورة منع الاحتكاك واللقاء المباشر بين الناس فتح المجال أمام إطلاق “خط قانوني ساخن” يتم بموجبه تعميم أرقام هواتف وتقوم تلك الأرقام باستقبال الاستشارات القانونية ويتم الرد عليها بعد تداول فريق العمل فيها بما يعطي أفضل مشورة قانونية لطالبها وفق الظروف الحالية في الداخل السوري
خلال السنوات الأربع الماضية: قدمت مراكز التحكيم حوالي 16000 استشارة قانونية في مراكزها المنتشرة في شمال غرب سوريا، كما قدمت حوالي 3000 استشارة قانونية خلال العيادات القانونية المتنقلة التي تم تنفيذها في مخيمات النازحين.
كما قامت بحل ما مجموعه 525 قضية من خلال لجان التحكيم المنتشرة في مناطق العمل سواء منها التي سيطر عليها النظام في معرة النعمان وجرجناز ومعرشمارين ومعرشورين أو في مناطق العمل الحالية في أريحا وأرمناز بمحافظة إدلب والأتارب ودارة عزة بمحافظة حلب.
كما تم تنفيذ عشرات التدريبات الخاصة بتمكين الفئات الضعيفة والمهمشة في المجتمع، وعشرات المحاضرات التي عملت على حل المشاكل القانونية في مناطق العمل بالتعاون مع الأطراف الفاعلة، ومنها مشاكل قانونية قديمة عمرها عشرات السنين مثل: حرمان النساء من الميراث، الزواج المبكر، العنف الأسري، بيع الأملاك العامة، المشاكل العقارية نتيجة قصف وتدمير السجلات العقارية في مناطق العمل، فقدان الأوراق الثبوتية من قبل النازحين واللاجئين، فقدان الأوراق الرسمية الخاصة بالتعليم والشهادات.. والكثير من المشاكل القانونية او العامة التي يعاني منها السوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري.
كان واضحاً تأثير مراكز التحكيم في كل منطقةٍ تم العمل فيها، بسبب سرعة تدخّل تلك المراكز وتوصلها الى حلول قانونية واجتماعية ترضي جميع الأطراف كونها تعتمد الحلول الوسط أو المصالحة بين طرفي النزاع بدل حلول المحاكم بإعطاء الحق كاملاً لأحد الطرفين، فيمكن مثلاً تقسيم الحقوق بالتراضي بين أهلها بنسب مئوية بقبول الطرفين وتوافقهم ما ينهي الخلاف بطريقة وديةٍ أفضل من حسم الدعوى لأحدهما بطريقة جبرية قد تودي الى نزاع لاحق أو ضغائن في القلوب، سيما و أن الناس في سوريا ملّت طريقة عمل المحاكم وتعيين القضاة ممن لا يملكون الخبرة او الشهادات القانونية المطلوبة إضافة الى تكاليف التقاضي الباهظة، بالمقابل كانت مراكز التحكيم تقدم خدماتها القانونية بالمجان، وكانت أكبر الخلافات تنتهي خلال أسابيع قليلة لأن أحكام مراكز التحكيم كانت رضائيةً ولا استئناف فيها، في حين قد تمتد الدعاوى المنظورة أمام المحاكم لسنوات نتيجة الاستئناف والنقض وإعادة المحاكمة وما الى ذلك من طرق الطعن التي نص عليها قانون أصول المحاكمات السوري.