أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا تقريراً جديداً بتاريخ 11/3/2024 بعنوان : في سوريا كذلك وقف إطلاق النار مطلب عاجل” تغطي الفترة من 1 تموز/يوليه إلى 31 كانون الأول/ديسمبر 2023، وهي فترة شهدت خلالها الجمهورية العربية السورية أكبر تصعيد للأعمال العدائية منذ عام 2019/2020.

 

الولاية و المنهجية

يستند التقرير إلى 528 مقابلة أُجريت وفقاً للمنهجية والممارسات المعمول بها في لجان التحقيق والتحقيقات المتعلقة بحقوق الإنسان. وطلبت اللجنة أيضاً معلومات عن الحوادث والتطورات وحللت وثائق وصوراً فوتوغرافية وأشرطة فيديو وصوراً ساتلية مستمدة من مصادر متعددة، من بينها منظمات غير حكومية والأمم المتحدة

اعتمدت اللجنة معيار الإثبات قد استوُفي عندما تكون لدى اللجنة أسباب معقولة للاعتقاد بأن الحوادث قد وقعت على النحو الموصوف وعندما يكون لدى اللجنة أسباب معقولة للاعتقاد بحدوث تصرف من شأنه أن يستتبع مسؤولية جنائية فردية

ملخص التقرير

شمل التقرير 5 محاور و 6 مرفقات تتلخص المحاور في التطورات السياسية والعسكرية –  الانتهاكات في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة وهجمات القوات الموالية للحكومة في الشمال الغربي – انتهاكات هيئة تحرير الشام في شمال  غرب سوريا  – الانتهاكات في شمال حلب وتل أبيض ورأس العين – الانتهاكات في شمال شرق سوريا – التوصيات، وخلص التقرير إلى:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التوصيات

دعت اللجنة النظام السوري وجميع أطراف النزاع الأخرى إلى ما يلي:

 

ماذا تقول رابطة المحامين السوريين الأحرار FSLA

تؤيد تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بكافة فقراته وما ورد فيه  من حقائق ونثمن غاليا أهمية عمل لجنة التحقيق  المتسم بالشفافية و المهنية و النزاهة وما قدمته في مسارات العدالة للضحايا من الشعب السوري ودعمنا للجهود القانونية

للتقارير التي يتم أصدراها من قبل اللجنة بهذا الشأن وخاصة التحليل القانوني للقوانين و التشريعات الذي يتفق مع رؤيتنا القانونية في التقارير التي نشاركها مع اللجنة و التي تساهم في

تسليط الضوء استمرار سياسة النظام السوري لترسيخ انتهاك لحقوق الإنسان ضمن القوانين والتشريعات المحلية

ونؤكد على استمرار تعاوننا مع لجنة التحقيق  في تقديم المساهمات القانونية لجهود العدالة في هذا السياق  ونوضح  أن ما ورد في تقرير اللجنة في كل من الفقرات:

 

 

بما يخص مرسوم العفو الذي اصدره النظام السوري رقم 36 لعام 2023 و الأسئلة التي تم توجيهها للنظام السوري في المرفق السادس من التقرير حول الجرائم التي شملها مرسوم العفو قد اصدرت FSLA دراسة قانونية تحليلية لكامل مرسوم العفو وما يتضمنه من ثغرات قانونية وخلصت الدراسة أن مرسوم العفو جاء هزيلاً، خبيثاً في مواده القانونية التي تحتوي على خداع قانوني، في محاولة من النظام السوري لإيصال رسالة للسوريين بتغيير نهجه وأنه بموجب هذا المرسوم حتى التهم التي لفقت للسوريين سيتم العفو عنها، ولكن في الواقع وعند قراءة المرسوم تقنيا بشكل قانوني يتوضح أنه لا يختلف كثيرا عما سبقه من المراسيم التي أصدرها النظام.

قانونية العفو استثنى الأفعال التي أفضت إلى موت إنسان، وجاء النص على إطلاقه  دون أن يبين أن هذه الأفعال تؤدي بشكل مباشر لقتل إنسان، أي أن الغموض في النص يجعل أي فعل قد ينسب للمتهم ولو كان فعل المتهم لا يؤدي بشكل مباشر لمقتل إنسان فلا يشمله العفو، حيث يكفي انتماء المتهم لجماعة معارضة، وقيام هذه الجهة بأي فعل يؤدي لمقتل إنسان، فيكون الشخص غير مشمول بالعفو، وبالتالي هذا يفتح باباً للابتزاز المالي من الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية.

 

صدور مرسوم إنهاء العمل بمحاكم الميدان العسكرية بتاريخ 3/9/223 بموجب المرسوم التشريعي رقم 32 لعام 2023  يتزامن مع تزايد الضغوط الدولية والعربية على النظام للكشف عن أعداد المعتقلين في سجونه وذلك بعد  قرار الجمعية العامة للأم المتحدة بتاريخ 29/6/2023 بتشكيل مؤسسة مستقلة معنية بالمفقودين في الجمهورية العربية السورية

وذلك  لان أحد مطالب المؤسسة المشكلة بالإطلاع على سجلات المعتقلين لدى هذه المحكمة فقام النظام بإلغاء هذه المحكمة وأقر أن تُحال جميع القضايا المحالة إلى محاكم الميدان العسـكرية بحالتها الحاضرة إلى القضاء العسـكري لإجراء الملاحقة فيها وفق أحكام قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسـكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /61/ لعام 1950 وتعديلاته

ورغم مضي أكثر من ثلاث أشهر وثقت رابطة المحامين السوريين الأحرار حالات لمعتقلين تم الحكم عليهم منذ تاريخ 2012 بالسجن المؤبد لم يطرأ أي تغير على ملفاتهم وبصدد إرسال هذه الحالات للمقرر الخاص باستقلال القضاء و المحامين و الفريق المعني بالاعتقال التعسفي في مجلس حقوق الإنسان

ونكاد نجزم أن هذا التدليس متعمد من النظام السوري في صياغة المرسوم التشريعي الذي لم يفصل ما مصير الأحكام السابقة وهل سيعاد النظر فيها وفق لقانون العقوبات العسكرية أم سيطبق الإلغاء فقط على القضايا الجديدة هو التنصل من قضية آلاف المعتقلين المدنيين الذين تم إعدامهم بموجب أحكام صدرت بحقهم من تلك المحكمة التي لا تحقق أي من شروط المحاكمة العادلة وفق المعايير القانون الدولي لحقوق الإنسان وقد يعمد النظام السوري بشطب أسمائهم من السجلات وبموجب هذا الإلغاء و نقل الملفات من محكمة الميدان للمحاكم العسكرية.

ونؤكد ارتفعت وتيرة النعوات على وسائل التواصل الاجتماعي لمتوفين داخل سجون النظام السوري، سواء تحت التعذيب أو عبر الإعدام الميداني، تزامن ذلك مع إصدار رئيس النظام السوري بشار الأسد للمرسوم التشريعي رقم 32 لعام 2023، قيام النظام بتسليم شهادات الوفاة لذوي المعتقلين بوفاتهم ضمن السجون الهدف منه التنصل من جريمة الاختفاء القسري التي مارسها النظام السوري طيلة سنوات الثورة فأغلب من تم اعتقالهم من قبل النظام منذ بداية الثورة إما قضوا في عمليات الإعدام وتحت التعذيب في الأفرع الأمنية حتى قبل أن يحالوا للمحاكمات الشكلية التي تنفذها محكمة الميدان العسكرية أو محكمة الإرهاب ومنهم من لقوا حتفهم بعد صدور الحكم عليهم و إحالتهم لسجن صيدنايا سيء الصيت بسبب ظروف الاحتجاز اللإنسانية و تعرضهم للتعذيب و الإشكالية القانونية

تكمن في إن شهادات الوفاة التي تسلم للأهالي لا يذكر فيها سبب الوفاة وهذا ما حذرنا منه في دراسة قانونية عند صدور التعميم 22 لعام 2022 الذي اشتراط فيه لنظام السوري الموافقة الأمنية لتثبيت الوفاة فأحد الثغرات القانونية التي عمد النظام السوري على وضعها في قانون الأحوال المدنية تؤكد ترسخ تعمده في  تدليس في معلومات بيان الوفاة  فقد صدر قانون الأحوال المدنية بموجب المرسوم التشريعي 26 لعام 2007 و تم تعديله بعد 10 سنوات من النزاع بالقانون رقم 13 لعام 2021 و تقصد النظام السوري بعد كل هذه حالات الوفاة التي تمت بسبب النزاع حظر النظام أن يتم ذكر سبب الوفاة في بيان الوفاة

ويظهر التدليس أن النظام لم يذكر ذلك في نص القانون صراحة نص المادة 35 حتى المادة 43 ولكن وضع هذا الشرط في التعليمات التنفيذية للقانون في فقرة تعليمات المادة 37 وذلك له أثر خطير يقصد به التدليس و إخفاء الحقائق و وهذا ينطبق على بيانات الوفاة التي تسلم لذوي المعتقلين مما يجعل ذوي المعتقلين في جهل بسبب وفاتهم ولا يمكن له بسهولة الرجوع لملف المعتقل في السجن و التقرير الطبي لسبب الوفاة فهذا يتطلب موافقة امنية وذوي الضحايا والذي نؤكد أنه سوف يكون فيه تدليس وتزوير للسبب الحقيقي وسوف يذكر أما بسبب أزمة قلبية أو مرض أو أي سبب أخر يعفي النظام من مسؤوليته الجنائية عن موت المعتقل في السجن.

ولكن نؤكد أن هذه الخطوات التي يحاول من خلالها النظام السوري التنصل من المسؤولية الجنائية في ملف المحتفين قسرا الذين قضوا تحت التعذيب في الأفرع الأمنية أو في سجونه لن تفيده شيئا

لان نظام روما الأساسي :يؤكد أن جريمة الاختفاء القسري تبقى مستمرة ولا تنتهي إلا بكشف مصير المختفي و مكان وجوده أو يتم توضيح مكان رفاته أو تسليمها لذويه في حال الوفاة و النظام السوري لن يستطيع تسليم جثث المعتقلين لذويهم أو الدلالة على مكان دفنهم لان أغلب الذين قضوا في سجونه و معتقلاتهم تم وضعهم في مقابر جماعية

ومضى على ذلك زمن طويل حيث أن أغلب التقارير الحقوقية تؤكد أن أكثر عدد ممن تم  إعدامهم أو تحت التعذيب كانت منذ عام 2011 حتى عام 2015 مما يجعل الجثث في اماكن الدفن قد تحللت و تحتاج خبرات و تقنيات متطورة للكشف عن هويات الضحايا وهذا يرتبط بقر ار الأمم المتحدة تشكيل مؤسسة مستقلة معنية بالمفقودين في الجمهورية العربية السورية فأحدى أهدافها تعزيز الجهود والإجراءات للكشف عن مصير وأماكن وجود المفقودين،

والتعرف على الرفات البشرية، ودعم حق أهالي وأقارب الضحايا في معرفة الحقيقة مما يجعل النظام السوري مجبرا على الكشف عن مكان دفن الضحايا بغض النظر عن سبب الوفاة

ويؤكد تحليلنا القانوني رغم صدور العديد من مراسيم العفو و اخرها المرسوم رقم 7 لعام 2022

 

والذي شمل الجرائم الإرهابية إلا أن أعداد القليلة جدا التي خرجت من معتقلات النظام  و أكدنا ذلك في دراسة قانونية بعنوان مرسوم عفو نظام الأسد.. أداة متعدّدة الأوجه في يد نظام قمعيّ

و نرى أن تخبط النظام أزداد وتيرة بتسليم شهادات الوفاة  يعود لصدور تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول تنفيذ قرار الجمعية العامة رقم 77/301  الذي أنشأ المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا و بالبدء بالخطوات العملية لممارسة اختصاصها  لإخلاء مسؤوليته من ملفات المختفين قسرا  والتهرب من المسؤولية الجنائية ولكن نؤكد أن هذا السلوك سوف يجعله في موقف المجرم الذي يحاول أخفاء الجثة التي تشهد على إجرامه

 

 

اترك تعليقاً