نص القانون

أقر مجلس الشعب التابع للنظام السوري قانون يسمح بإدارة واستثمار الأموال المصادرة  بموجب حكم قضائي مبرم (غير قابل للطعن)، سواء صدر الحكم قبل نفاذ هذا القانون أم بعده.و قد نص القانون على البنود التالية

  1. تتولى وزارة المالية بموجب القانون إدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المذكورة عدا الأراضي الواقعة خارج المخططات التنظيمية، وتكون إدارتها واستثمارها لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي.
  2. في حال كانت الأموال عبارة عن شركة أو أسهم أو حصص في شركة تبقى هذه الشركة خاضعة لأحكام قانون الشركات، وتتم إدارتها واستثمارها من قبل وزارة المالية وبما لا يتعارض مع قانون الشركات.
  3. تنقل بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على طلب الوزير المختص ملكية الأموال المذكورة سابقاً إلى الجهات العامة ذات الطابع الإداري دون مقابل، ودون أن يترتب على ذلك أي ضريبة أو رسم وبمقابل يؤول إلى الخزينة العامة في حال نقل الملكية إلى الجهات العامة ذات الطابع الاقتصادي.
  4. يحق  لرئيس مجلس الوزراء تخصيص جزء من الأموال المذكورة لأي من الجهات العامة بناء على طلب من الوزير المختص،
    يصدر بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزيري المالية والزراعة والإصلاح الزراعي نظام خاص يتضمن قواعد إدارة واستثمار ونقل ملكية وتخصيص هذه الأموال المنقولة وغير المنقولة.
  5. مراعاة الحقوق المترتبة للغير بموجب القوانين النافذة ودون المساس بها تطبق أحكام هذا القانون على الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم سواء صدر الحكم قبل نفاذ هذا القانون أم بعده”.


التحليل القانوني

 

عمد النظام السوري إلى إصدار عدة قوانين ومراسيم تشريعية تسمح بالحجز و مصادرة اموال السوريين فقد اصدر:

قانون مكافحة لإرهاب فقد نصت المادة رقم 12 من القانون رقم 19 لعام 2012  في جميع الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون تحكم المحكمة بحكم الإدانة بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة وعائداتها والأشياء التي استخدمت أو كانت معدة لاستخدامها في ارتكاب الجريمة وتحكم بحل المنظمة الإرهابية في حال وجودها.

وفوض في المادة 11 من القانون  النائب العام المختص أو لمن يفوضه أن يأمر بتجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة لكل من يرتكب إحدى الجرائم المتعلقة بتمويل الأعمال الإرهابية أو ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون إذا كانت هناك دلائل كافية على ذلك ضمانا لحقوق الدولة والمتضررين.

ومن ثم اصدر المرسوم التشريعي 63 لعام 2012 الذي وسع سلطات الضابطة العدلية لتشمل الأفرع الامنية في جرائم الإرهاب والجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي وذلك, أن تطلب خطياً إلى وزير المالية اتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة للمتهم

ولا يخفى على احد أن هذه التهم هي التي توجها الأفرع الأمنية للمعارضين وتقوم بمخاطبة وزير المالية للحجز على أموالهم المنقولة و الغير منقولة وإحالتهم إلى إما إلى محكمة الإرهاب أو محكمة الميدان العسكرية ( سابقا ) قبل الغائها بالمرسوم  المرسوم التشريعي رقم 32 للعام 2023

وكلا المحكمتين لا تحقق شروط المحاكمة العادلة من حيث قانونية تشكيل محكمة ومشروعية الأحكام الصادرة عنها  فهي غير ملزمة بالإجراءات القانونية الواجب أتباعها فقد نص قانون محكمة الإرهاب  صراحة في المادة 7 على إعفاء المحكمة من التقييد بالأصول والإجراءات المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية و إن الأحكام الصادرة عن محكمة الإرهاب بصفة غيابية لا تخضع لإعادة المحاكمة في حال إلقاء القبض على المحكوم عليه إلا إذا كان قد سلم نفسه طواعية وهذا مخالف لنص المادة  51 من دستور 2012 التي تنص كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم في محاكمة عادلة وأن حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والمراجعة والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون


هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب:

اصدر النظام السوري المرسوم التشريعي رقم 33 لعام 2005 الخاص بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقد عدل بالمرسوم التشريعي رقم 27 لعام . 2011 وبالمرسوم التشريعي رقم 46 لعام 2013 و نص على إمكانية إيقاع الحجز الاحتياطي الإداري من قبل وزارة المالية بالاستناد إلى قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب و نصت الفقرة /هـ/من المادة 9 من القانون على معيار ( حالة الاشتباه )  في الشخص وقبل صدور حكم  قضائي مما يضع المحجوز عليه تحت نفوذ الهيئة التنفيذية ويعطي هذه الهيئة أداة للانتقام من السوريين المعارضين خارج نطاق القضاء ووسيلة ابتزاز الأشخاص المحجوز عليهم مالياً من أجل رفع أسماءهم عن قائمة “المشتبه بهم” لدى هيئة مكافحة الأموال ووزارة المالية مقابل منافع مادية،

وبالتالي يمكن استخدام ذلك الحجز كأداة ضغط على السوريين خاصة ان هذه الإجراءات تتم خارج إطار المراجع القضائية المختصة وغالبا ما يكون المعارضين خارج سوريا أو في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري مما لا يمكنهم الاعتراض على هذه القرارات أمام المحاكم  لعدم قدرتهم على  الوصول إلى المحاكم في الوقت المحدد وضمن المدد القانونية الممنوحة لهم،

و عدم استطاعتهم توكيل محامين بسبب اشتراط  الموافقة أمنية مسبقة   للموافقة على هذه الوكالات ويشكل الحجز الإداري أحد وسائل النظام لتشريع مصادرة أموال وممتلكات السوريين

تعديل قانون الخدمة العسكرية اصدر النظام السوري القانون 39 لعام 2019 المتضمن تعديل قانون خدمة العلم الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /30/ لعام /2007/ وتعديلاته حول بدل فوات الخدمة ونص أنه يلقى الحجز التنفيذي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمكلف بالدفع الممتنع عن تسديد بدل فوات الخدمة ضمن المهلة المحددة ونشير إلى أن نص قانون خدمة العلم الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 30 لعام 2007، قد عرّف بدل فوات خدمة بأنه “تعويض مالي يحمل صفة التعويض المدني يدفعه المُكلّف لصالح الخزينة العامة في حال تجاوز سن 42 عاماً ولم يؤدِّ الخدمة الإلزامية لغير أسباب الإعفاء أو التأجيل المنصوص عليها في قانون خدمة العلم”.

ويبلغ بدل فوات الخدمة ثمانية آلاف دولار أو ما يعادلها بالليرة السورية بحسب نشرة الأسعار الرسمية الصادرة عن مصرف سورية المركزي بتاريخ الدفع بحسب المرسوم التشريعي رقم 33 لعام 2014 و أضاف عقوبة السجن لمدة سنة وغرامة سنوية على التأخير بالدفع وتحصل قيمة البدل وفقا لأحكام قانون جباية الأموال العامة.

وقد صدر تعديل بموجب  القانون 35 لعام 2017، أعطى المُكلف المتخلف عن الخدمة الذي بلغ 43 عاماً، مهلة 3 شهور لدفع بدل فوات الخدمة قبل فرض الحجز الاحتياطي على أملاكه، بقرار من وزير المالية،

مع الاحتفاظ بعقوبة السجن والغرامة المالية في حال عدم دفع المكلف البدل خلال المهلة المحددة و تكون آلية تنفيذ الحجز التنفيذي بأن تقوم  شعب التجنيد في المحافظات برفع لائحة بأسماء المكلفين المخالفين ممن تجاوزا سن الـ42 عاماً،

إلى قسم الإعفاء والبدل في وزارة الدفاع، لتقوم بدورها بتنظيم إضبارة ترسلها إلى النيابة العامة في القضاء العسكري، وإلى هيئة الضرائب والرسوم في وزارة المالية، لإلقاء الحجز التنفيذي مباشرةً على أملاك وأموال المكلف المنقولة وغير المنقولة،

وبالتالي تحصيلها وفق قانون جباية الأموال العامة. ويشكل ذلك الإجراء مخالفة صريحة لقواعد ألقاء  الحجز التنفيذي الذي يجب أن يكون بموجب بواسطة حكم قضائي مبرم.

 

عمل النظام السوري على إعطاء وزارة المالية مهام تنفيذ تدبير المصادرة للأموال المنقولة و الغير منقولة وأع

طى وزارة المالية ومديرياتها في المحافظات عملية إدارة واستثمار الأموال المصادرة.

 

مما جعل وزارة المالية تحدث مديرية الأموال المصادرة والمستولى عليها  في الإدارة المركزية للوزارة  وذلك بسبب العدد الكبير لكمية المصادرات وخاصة  بما اشرنا إليه من القوانين التي تشرع مصادرة الأموال

وجاء هذه التفويض بموجب بلاغ  مجلس الوزراء لعام 2015 الصفحة 240 دون وجود قانون أو مرسوم تشريعي يفوضها بذلك وهذا التفويض جاء مخالف للقانون رقم 252 لعام 1959 المعروف بقانون املاك الدولة و الذي نص في المادة 4 على أن الولاية على عقارات أملاك الدولة وصلاحية إدارتها والدفاع عنها من اختصاص مؤسسة الإصلاح الزراعى باستثناء العقارات الخاضعة لولاية وزارة أو مؤسسة أخرى بموجب قوانين خاصة ولم يصدر النظام السوري اي قانون يخضع ولاية العقارات المصادرة لوزارة المالية مما يجعل التصرف السابق لصدور القانون الذي اصدره حديثا النظام السوري و الذي حدد وزارة المالية أحدى الجهات المخولة بإدارة واستثمار الأموال المصادرة مشوب بالبطلان كونه صادر عن جهة غير مخولة قانونا يمنحها الصلاحية بموجب نص تشريعي

لذلك عمد النظام السوري على تقنين تلك العملية  ليتدارك الخلل السابق بإصدار القانون الذي وسع صلاحية وزارة المالية و مجلس الوزراء في إدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي عدا الأراضي الواقعة خارج المخططات التنظيمية حيث ستكون إدارتها واستثمارها لوزارة الزراعة.

 

 

تؤكدFSLA”  أن كافة عمليات  الحجز و المصادرة  التي تم ذكرها سابقا لا تستند لإطار قانوني يتوافق مع الدستور السوري و القانون الدولي والهدف منها الانتقام ومعاقبة السوريين المعارضين للنظام السوري

وأن الأملاك العقارية التي تم التصرف فيها سابقا قبل صدور القانون الحالي يفتقد للشرعية القانونية كونه صادر عن جهة غير مخولة قانونا و صدور هذا القانون ليس إلا محاولة من النظام السوري لتدارك هذا الخطأ وتوسيع صلاحية وزارة المالية ومجلس الوزراء في الحجز ومصادرة والتصرف بأموال السوريين.

اترك تعليقاً