يفرض كل من الإتحاد الأوروبي و المملكة المتحدة و الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على النظام السوري وسوف نقوم بهذه المذكرة بتوضيح ماهية هذه العقوبات و أثرها على المساعدات الإنسانية و سوف نناقش قرار وزارة الخزانة الأمريكية بتجميد العقوبات الصادر بتاريخ 9/2/2023 و ماهية هذا القرار و أثره على المساعدات الإنسانية و مدى سلوك النظام السوري باستغلاله اقتصاديا
ما هي العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على النظام السوري
يعود تاريخ العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على النظام السوري إلى عام 1979 عندما صنّفت الولايات المتحدة سوريا كدولة راعية للإرهاب ففرضت الولايات المتحدة مجموعات متتالية من العقوبات كردّ على سلوك النظام السوري في لبنان و برنامج اسلحة الدمار اشامل لتي كان النظام السوري يسعى لامتلاكه فكانت العقوبات تتلخص بقيود على مساعدات الحكومة الأميركية إلى سوريا ، وحظر توريد الأسلحة ، وعقوبات محدّدة الهدف على عدد من المسؤولين السوريين والكيانات النظام السوري المتورطين في أنشطة محددة. وفُرض على المصارف الأميركية إخضاع إجراءات رقابية قصوى على المعاملات المتعلقة بالنظام السوري بما في ذلك الشركات والكيانات المملوكة من قبلها.
في عام 2003 أقر الكونغرس الأمريكي قانون محاسبة سوريا هو قانون لوضع حد لما تعتبره الولايات المتحدة دعما سوريًا للإرهاب، وإنهاء الوجود السوري في لبنان، الذي كان ساريا منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1990، ووقف تطوير سوريا المزعوم لأسلحة الدمار الشامل، ووقف استيراد سوريا غير المشروع للنفط العراقي، وإنهاء شحنات غير قانونية من المواد العسكرية إلى القوات المعادية للولايات المتحدة في العراق. ينص القانون على فرض عقوبات على سوريا ما لم يقرر الكونغرس أن سوريا تفي بالشروط المنصوص عليها في القانون.
وبموجب هذا القانون أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية في عام 2004 القرار التنفيذي رقم 13338 و الذي بموجبه تم توسيع قائمة العقوبات على النظام السوري فشملت العقوبات فرض قيوداً على تصدير معظم السلع الأميركية إلى سوريا
باستثناء المواد الغذائية والأدوية ، وحظّر شركات النقل الجوي السورية من السفر إلى الولايات المتحدة ، كما وسّع نطاق العقوبات الأميركية المحددة الهدف ضد مسؤولين سوريين وكيانات النظام السوري . ولكن بقي النشاط التجاري لا اثر عليه بالعقوبات كاستيراد النفط و الاستثمارات التجارية لشركات امريكية في سورية و القطاع المصرفي كلها و شكل بشكل اساسي عدة مجالات
- حيث أن سوريا مصنفة دولة إرهاب لذلك يحظر تقديم المساعدات الحكومية الرسمية للنظام السوري و معارضة الولايات المتحدة الأمريكية لاستفادة النظام السوري من الدعم الذي تقدمه المؤسسات المالية الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
- حظر بيع الأسلحة و ما هو مدرج على قائمة الذخائر الأمريكية والمواد التي يمكن استخدامها مدنيا أو عسكريا للنظام السوري
- حظر تصدير السلع الأمريكية إلى سوريا باستثناء لمواد الغذائية و الأدوية و يمنع على بلدان أخرى إعادة تصدير هذه السلع التي تم استيرادها قانونا من الولايات المتحدة للنظام السوري
- حظر الشركات و الأفراد الأمريكيين من تقديم خدمات الشحن و التكنولوجيا و التأمين إلى سوريا
- حظر المعاملات المالية المباشرة بين سوريا و الولايات المتحدة الأمريكية و حظر المصارف الأمريكية من تقديم الخدمات المالية لشركات و المصارف العاملة في سوريا و حظر الشركات و البنوك الأجنبية العاملة في سوريا استخدام البنوك التي تستخدم أو ترتبط بالمصارف الأمريكية لتخليص معاملتها في سوريا
- حظر الشركات الأمريكية و الأفراد الأمريكيين القيام باستثمارات تجارية في سوريا
- حظر على الشركات الأمريكية استيراد النفط السوري أو المشتقات النفطية للولايات المتحدة أو نقله أو التعامل بأي نشاط تجاري يتعلق به
- تجميد أموال النظام السوري في الولايات المتحدة الأمريكية و منع التعامل مع النظام السوري أو الكيانات المرتبطة به أو استخدام من النظام المالي الأمريكي في معاملاتهم
- فرض عقوبات على وزارات النظام السوري كوزارة الدفاع و فرض عقوبات على مصرف سوريا المركزي وغيرها من الشركات والكيانات المملوكة من قبل النظام السوري أو التابعة له
- فرض عقوبات على عقوبات على مجموعة متنوّعة من المسؤولين الحكوميين كرأس النظام السوري بشار الأسد والقادة العسكريين كمسؤولي الجيش و المخابرات و المسؤولين عن برامج الاسلحة الكيمائية في سوريا وشركات الأعمال ورجال الأعمال الموالين للحكومة مثل سامر فوز ورامي مخلوف وأيمن جابر وجورج حسواني والقادة السياسيين، وقادة الميليشيات ، وتم فرض عقوبات على القادة السياسيين وقادة الميليشيات الموالية للنظام السوري و قد شملت هذه القائمة اسماء شخصيات عديدة يمكن الوصول لهم من خلال موقع مكتب مراقبة الاصول الأجنبية Office of Foreign Assets Control التابع لوزراه الخزانة الأمريكية
- حظر الطائرات التابعة للخطوط الجوية السورية الطيران إلى الولايات المتحدة.
كما يُمنع الأفراد السوريون الخاضعون لعقوبات من السفر إلى الولايات المتحدة
عقوبات قانون قيصر
أقرّ الكونغرس الأميركي “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين في عام 2019 و الذ كان الهدف منه توسيع العقوبات التي تهدف للحد من الدول للتعامل مع النظام السوري وعزله اقتصاديا فجاء لمنع من يمارسون أنواعاً محدّدة من الأعمال التجارية مع النظام السوري وكذلك مع الأفراد والشركات الخاضعين للعقوبات في سوريا فيتم فرض عقوبات على الأشخاص والشركات والكيانات غير الأميركيين، التي فرضتها الحكومة الأمريكية في يونيو/ حزيران 2020 بفرض عقوبات اقتصادية ومالية ومصرفية تستهدف بشكل أساسي عملية إعادة إعمار سوريا ويستهدف أيضاً عدداً من الصناعات السورية من ضمنها كل ما يتعلق بمشاريع البنى التحتية وصيانة الآليات العسكرية وإنتاج الطاقة. يعطي الرئيس الأميركي الحق بفرض العقوبات بحق الأشخاص الأجانب إذا قاموا بتوفير الدعم المالي أو التقني للنظام السوري أو التعاقد معه أو مع النظام السوري أو أي من المؤسسات الرسمية أو الكيانات التي يسيطر عليها النظام السوري أو أي شخصية سياسية رفيعة المستوى فيها أو أي شخص أجنبي متعاقد عسكرياً أو مرتزق أو قوة شبه عسكرية تعمل داخل سوريا لصالح حكومتها أو نيابة عنها، كما ينطبق على الحكومتين الروسية والإيرانية أو أي شخصية تطالها أساساً العقوبات الأميركية وذلك على خلفية دعم روسيا وإيران لنظام الأسد و الهدف من هذه العقوبات هو الضغط على النظام السوري لوقف القمع والتفاوض على تسوية سياسية دائمة للأزمة السورية بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لعام 2015 الذي عمدت النظام السوري و حلفائها على التهرب من تنفيذ بنوده مما يطيل امد النزاع في سوريا ويزيد من معاناة الشعب السوري.
وبشكل خاص، يشترط قانون قيصر على السلطة التنفيذية الأميركية فرض عقوبات على الأشخاص والشركات والكيانات غير الأميركيين الذين:
- يقدّمون “دعماً مالياً أو مادياً أو تكنولوجياً ملحوظاً ، أو يشاركون ، عن عمد، في معاملات وصفقات كبيرة مع” النظام السوري ، أو مع أي شركة أو وزارة مملوكة من قبل النظام السوري.
- يقدّمون “خدمات كبيرة في مجال البناء أو الهندسة” إلى النظام السوري
- يقدّمون “دعماً مالياً أو مادياً أو تكنولوجياً ملحوظاً، أو يشاركون، عن عمد، في معاملات وصفقات كبيرة مع” كبار المسؤولين الحكوميين السوريين.
- كانوا متعاقدين عسكريين أو مرتزقة يعملون في سوريا لحساب النظام السوري أو روسيا أو إيران.
- يبيعون أو يؤمّنون سلعاً أساسية أو خدمات أو تكنولوجيا أو معلومات أو غيرها من أنواع الدعم للمحافظة على نتاج سوريا من النفط والغاز الطبيعي ، أو زيادته.
- يوفّرون طائرات أو قطع غيار مستخدمة لأغراض عسكرية في سوريا.
يشترط قانون قيصر من وزراة الخزانة الأميركية أن تحدّد ما إذا كان المصرف المركزي السوري يشكّل “منطقة أساسية مشبوهة لغسيل الأموال” بموجب المادة 311 من قانون باتريوت الأميركي وأن تقوم بنشر أنظمة تحدّ من وصول المصرف المركزي السوري إلى النظام المالي الأميركي.
ما هي العقوبات التي يفرضها الإتحاد الأوروبي على النظام السوري
يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على سوريا منذ 2011 . وتُعتبر هذه العقوبات، بشكل عام، أضيق نطاقاً وأدق استهدافاً من العقوبات الأميركية تقيّد العقوبات الأوروبية التجارة في فئات محدّدة من المنتجات فقط. كذلك، تمنع عقوبات الاتحاد الأوروبي المالية المصارف من تخليص أنواع محددة من المعاملات المالية مع سوريا فقط ، كما تمنعها من التعامل مع مصارف سورية محدّدة ،في حين تفرض الولايات المتحدة حظراً شاملاً على كافة أنواع المعاملات المالية مع سوريا.
الهدف من العقوبات تتمثّل بمكافحة استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية والضغط على النظام السوري بسبب ما ترتكبه من انتهاكات لحقوق الإنسان وقمع سياسي و يجب أن تجدد هذه العقوبات سنويا بقرار من دول الإتحاد الأوروبي
و هنالك قرارين تم إقرارهما لفرض العقوبات على النظام السوري و هما:
- نص موحد لائحة المجلس (الاتحاد الأوروبي) رقم 36/2012 المؤرخة 18 يناير 2012 بشأن التدابير التنفيذية في ضوء الوضع في سوريا
- قرار المجلس 2013/255 / CFSP بتاريخ 31/5/2013 بشأن الإجراءات التنفيذية ضد سوريا
يمكن تقسيم العقوبات الأساسية للاتحاد الأوروبي على سوريا إلى ثماني فئات:
1- قيود على المساعدات الحكومية الرسمية إلى سوريا :تمنع عقوبات الإتحاد الأوروبي تقديم مساعدات حكومية إلى النظام السوري
2- حظر الأسلحة : تُحظّر عقوبات الاتحاد الأوروبي تصدير الأسلحة إلى سوريا واستيرادها منها.
3- حظر تصدير سلع معيّنة إلى سوريا : تُحظّر عقوبات الاتحاد الأوروبي تصدير أنوا ع محدّدة من السلع إلى سوريا. كما تمنع بشكل عام تأمين خدمات ذات صلة بتصدير السلع المحظورة إلى سوريا، حتى وإن كان مصدر هذه السلع بلد ثالث ومن السلع التي يشملها حظر الاتحاد الأوروبي على الصادرات إلى سوريا :
- بعض المعدّات، والسلع، والتكنولوجيا التي يمكن استخدامها لممارسة القمع الداخلي في سوريا.
- وقود الطائرات النفاثة.
- برمجيات ومعدّات التتبّع والمراقبة ، بما في ذلك البرمجيات والمعدات المستخدمة لمراقبة شبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية.
- المعدّات المطلوبة لصناعة النفط والغاز في سوريا أو التي تستخدمها ال شركات المملوكة من قبل سوريين في الخارج. يشمل ذلك حظراً على تصدير المعدات والتكنولوجيا المستخدمة للتكرير والغاز الطبيعي المسيّل، والتنقيب عن المواد الهيدروكربونية، والإنتاج. كما تمنع عقوبات الاتحاد الأوروبي الشركات الأوروبية من
- العملات الورقية والمعدنية الموفّرة لمصرف سوريا المركزي.
- الذهب، المعادن الثمينة والماس إلى حكومة سوريا، بما في ذلك إلى مصرف سوريا المركزي والأشخاص الذين يتصرّفون باسم الحكومة.
- السلع الكمالية.
حظر استيراد سلع سورية محددة
تمنع عقوبات الاتحاد الأوروبي الأشخاص الأوروبيين والشركات الأوروبية من شراء أنواع محددة من السلع السورية ومنها:
- شراء النفط والمنتجات النفطية السورية لكن يجوز للدول الأعضاء إعطاء الإذن بشراء النفط داخل سوريا كجزء من جهود الإغاثة الإنسانية
- شراء الذهب والمعادن الثمينة من النظام السوري والأشخاص الذين يتصرّفون باسمه.
- استيراد الممتلكات الثقافية المنقولة من سوريا أو الاتجار بها منذ آذار 2011، في تطبيق لحظر الأمم المتحدة على الاتجار بالقطع الفنية الأثرية السورية المنقولة من سوريا منذ آذار 2011.
القيود المالية والاستثمارية
تحظّر عقوبات الاتحاد الأوروبي، أو تقيّد، أنواعاً محدّدة ومتنوّعة من الاستثمار في سوريا وتخليص المعاملات المالية فيها، ومنها:
- حظر الاستثمار في صناعة النفط والغاز السورية،أو توفير القروض أو التسليفات لها.
- حظر الاستثمار في صناعة مشاريع توليد الطاقة،أو توفير القروض أو التسليفات لها.
- فرض حدود على توفير التمويل التجاري لغرض التبادل التجاري مع سوريا، بما في ذلك حظر توفير تسهيلات التمويل التجاري على المدى الطويل.
- حظر القروض الجديدة من الدول الأعضاء والمؤسسات في الاتحاد الأوروبي إلى حكومة سوريا، بما في ذلك حظر الحصول قروض من المصرف الأوروبي للاستثمار.
- حظر إصدار وشراء السندات الجديدة من النظام السوري والشركات التابعة للدولة والمصارف السورية.
- حظر افتتاح المصارف السورية لفروع جديدة لها في الاتحاد الأوروبي.
- حظر تنظيم المصارف الأوروبية لمشاريع مشتركة مع مصارف سورية أو الاستثمار فيها.
- حظر افتتاح المصارف الأوروبية لفروع جديدة له في سوريا وحظر توفير تأمين للنظام السوري والشركات المملوكة من قبل الدولة.
عقوبات على النظام السوري
تشمل عقوبات الاتحاد الأوروبي على سوريا مجموعةً واسعة من العقوبات على النظام السوري، وتجميد أصول النظام السوري في أوروبا ، وبشكل أوسع منع الشركات الأوروبية من التعامل مع النظام السوري تشمل هذه العقوبات أيضاً عقوبات محدّدة الهدف ضد عدة كيانات تابعة للنظام السوري وزارت ومصرف سوريا المركزي، وعدة شركات مملوكة من قبل الدولة.
عقوبات محددة الهدف
على غرار الولايات المتحدة ، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات محددة الهدف على مجموعة متنوّعة من المسؤولين الحكوميين ، والقادة العسكريين وشركات الأعمال ، ورجال الأعمال الموالين للحكومة ، والقادة السياسيين ، وقادة الميليشيات ، وغيرهم من مناصري الرئيس الأسد في سوريا ووضع قائمة بالأفراد السوريين والشركات والكيانات الخاضعة لعقوبات أوروبية محددة الهدف على الرابط. تشمل الفئات الأساسية لعقوبات الاتحاد الأوروبي المحدّدة الهدف عقوبات
مسؤولين حكوميين سوريين
فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات محددة الهدف على العديد من المسؤولين الحكوميين السوريين، ومنهم رئيس النظام السوري بشار الأسد وأبرز معاونيه، ومسؤولين في الجيش والمخابرات، ومسؤولين آخرين مرتبطين ببرنامج الأسلحة الكيميائية السورية، وغيرهم من المسؤولين.
رجال أعمال سوريين وشركات سورية
فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات محددة الهدف على العديد من رجال الأعمال السوريين، بمن فيهم سامر فوز، ورامي مخلوف، وأيمن جابر، وخالد قدور، وجورج حسواني، وآخرين. من الشركات التي تشملها العقوبات: سيرياتل، شام القابضة، الشركة السورية للتجارة بالنفط ، الشركة السورية العامة للنفط، مصارف عدة ( منها المصرف الصناعي، مصرف التسليف الشعبي، المصرف التجاري السوري ، ومصارف أخرى ) شركة تسويق الأقطان، مصافي النفط الكبرى.
قادة سياسيين ومناصرين آخرين للنظام السوري
فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات محدّدة الهدف على مجموعة متنوّعة من المناصرين الآخرين للحكومة السورية، كآل مخلوف، وزعماء الميليشيات الموالين للحكومة.
8- قيود السفر : تُحظّر عقوبات الاتحاد الأوروبي على طائرات الخطوط الجوية وشركات الشحن الجوي السورية الطيران إلى أراضيه. كما يُمنع الأفراد السوريون الخاضعون لعقوبات محددة الهدف من السفر إلى الاتحاد الأوروبي بشكل عام. فضلاً عن ذلك، نصّب الاتحاد الأوروبي سلطات وكيانات قانونية لحظر دخول مجموعة متنوعة من المسؤولين السوريين الآخرين وشخصيات أخرى موالية للحكومة.
التراخيص والاستثناءات على العقوبات
أنّ العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رغم أنها لا تتعلق مطلقا بالمساعدات الإنسانية ولا تعيق وصولها للشعب السوري و لكن عمدت الولايات المتحدة الأمريكية تفسح المجال أمام إصدار تراخيص واستثناءات معيّنة لإتاحة فئات محدّدة من التجارة والأعمال. من أبرز التراخيص والاستثناءات التي طالت العقوبات الأميركية على سوريا ما يلي:
- بيع الأغذية والأدوية : تقدّم الولايات المتحدة ترخيصاً عاماً لتصدير الأغذية إلى سوريا، فضلاً عن الأدوية
- الحوالات النقدية : تقدّم الولايات المتحدة ترخيصاً عاماً يتيح للأميركيين إرسال حوالات شخصية وغير تجارية إلى أشخاص في سوريا.
- بعض الأنشطة الخيرية للمنظمات غير الحكومية : تقدّم الولايات المتحدة ترخيصاً عاماً للمنظمات غير الحكومية كي تتمكّن من المشاركة في بعض الأنشطة الخيرية في سوريا، بما في ذلك توفير الإغاثة الإنسانية للشعب السوري ، والخدمات التعليمية ، والمشاريع التنموية غير التجارية التي تعود بالمصلحة على الشعب السوري ، فضلا عن حماية المواقع التاريخية والثقافية
- جهود معيّنة ذات صلة بالإغاثة الإنسانية: يقدّم الاتحاد الأوروبي تراخيص واستثناءات ذات صلة بالعقوبات للسماح بتنفيذ مشاريع إغاثة إنسانية معيّنة.
ترخيص وزارة الخزانة الأمريكية بسبب الزلزال
حدث الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا بتاريخ 6/2/2023 الذي قتل و شرد آلاف السوريين فقامت الولايات المتحدة الأمريكية استجابة للوضع الإنساني الطارئ بقيام مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية بإصدار الرخصة العامة لسورية رقم “23” والتي تسمح لمدة 180 يوماً بجميع المعاملات المتعلقة بالإغاثة من الزلازل التي كانت ستحظرها لوائح العقوبات السورية (SySR ( و يتلخص هذا الترخيص فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة عام 2004 بموجب القرار التنفيذي رقم 13338 فجاءت هذه الرخصة يعفي الشركات الفردية و المنظمات غير الحكومية مدة 180 يوم من الحصول على رخص محدّدة لتأذن لها بإدخال المعدات و المواد التي تساهم مجال المساعدة الإنسانية والكوارث فيما يتعلق بجميع المعاملات المتعلقة بالإغاثة من الزلزال
سلوك النظام السوري في سرقة المساعدات الإنسانية و استغلال الكارثة يفاقم مأساة السوريين المنكوبين
خلال فترة النزاع يمتلك النظام السوري سجل اسود في ملف المساعدات الإنسانية فقد عمد النظام السوري وأجهزته الأمنية إلى سرقة المساعدات الإنسانية والتحكم والسيطرة بشكل محكم على ملف المساعدات الإنسانية في مناطق سيطرته والتي قدرت بـ 30 مليار دولار بين 2013 – 2021 وذلك من خلال الاستغلال والتمسك بقرار الأمم المتحدة رقم 46/182 وبناءً عليه فقد فرض النظام على وكالات الأمم المتحدة أن يكون تسليم المعونات بواسطة الهلال الأحمر السوري بعد موافقة لجنة الإغاثة العليا للنظام السوري مما يسمح للنظام بالتحكم فيمن يتلقى الإغاثة ومكانها وزمانها وتؤكد تقارير عدة سطوة النظام وتلاعبه بالمساعدات الإنسانية واستغلالها لدعم فئات معينة بينها مقربون منه وعائلات قتلى في قواته وأشخاص يتمتعون بنفوذ في مناطق سيطرته ويحصل كل ذلك على حساب السكان المستضعفين.
يوضح تقرير أصدره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS بعنوان “إنقاذ المساعدات في سورية” في 14 فبراير/ شباط 2022 أن النظام السوري تلاعب بالمساعدات الإنسانية طوال سنوات من خلال الإصرار على توزيع المساعدات الأممية عبر الهلال الأحمر ما سمح لحكومته بتوزيع المساعدات بعيداً عن رقابة ونظر مؤسسات الأمم المتحدة علماً أنها المرة الأولى التي تسمح فيها الأمم المتحدة بتدخل الحكومة في توزيع المساعدات ويشدد التقرير على أن “الأمم المتحدة وثقت تلاعب النظام بالمساعدات الإنسانية عام 2016 وأن مكتبها للشؤون الإنسانية (أوتشا) ربط التلاعب بافتقاد التحليل والتقييم المناسبين للاحتياجات وقد استند التقرير إلى مقابلات أجريت مع أكثر من 130 من مسؤولي الأمم المتحدة وعمال الإغاثة والمفاوضين والدبلوماسيين والعاملين في مجال الاستجابة الإنسانية و اكد التقرير أن النظام السوري يتلاعب بالمساعدات الإنسانية في سوريا بشكل متكرر من خلال منعها عن معارضيه ومنحها لآخرين
لم يكتف النظام السوري بتحكمه بالمساعدات الإنسانية بل عمد إلى تحويل هذه المساعدات إلى سلاح يستخدمه ضد الشعب السوري فقد صدر تقرير عن الرابطة السورية لكرامة المواطن بعنوان: “كيف يحول النظام السوري المساعدات الإنسانية إلى سلاح” الأساليب التي ينتهجها النظام للسيطرة على الدعم الانساني وتوظيفه لخدمة سياساته فقد تم توثيق تحويل النظام للمساعدات الإنسانية التي يعتمد عليها غالبية الشعب السوري إلى سلاح حقيقي، حيث تمَّ على مستوًى دوْليٍ تقديم فائض من الأدلة على أن نظام الأسد قام بشكلٍ متعمَّد بتجويع المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة وبابتزاز منظمات الأمم المتحدة للاستيلاء على المساعدات الإنسانية وتحويلها لصالح القوات العسكرية والميليشيات كما استعملت قضية المساعدات الإنسانية لدعم استراتيجيته العسكرية ودعم اقتصاد الحرب في مناطقه عن طريق الدعم والمساعدات الإنسانية المخصصة لتلك المناطق، بالإضافة إلى تكتيكات أخرى تضمَّنت استعمال المنظَّمات الإنسانية للدفع بأجندته.
كما صدر تقرير عن منظمة Human Rights Watch بعنوان نظام مغشوش سياسة النظام السوري لاستغلال المساعدات الإنسانية و تمويل إعادة الإعمار و خلص لتقرير إلى إن نظام الدولة المنتهِك إلى جانب انعدام القدرة على الوصول والشفافية يترَجم إلى خطر كبير من أن يستخدم النظام السوري المساعدات لتمويل انتهاكات حقوق الإنسان وتمنعها من الوصول إلى الأفراد الذين يحتاجون إليها – ما يؤدي إلى مجموعة من الانتهاكات المحتملة الجديدة للحقوق الأساسية هذه السياسات لا سيما القيود على الوصول إلى جانب العوامل الرئيسية الأخرى بما فيها استمرار خطر الاعتقال والتعذيب والاضطهاد تسهم في عجز هذه المنظمات عن لعب دور في الإعادة الطوعية للسوريين و أكد لتقرير تلاعبت النظام السوري بنظام تقديم المساعدات الإنسانية لضمان أن تحل فائدة الدولة محل احتياجات السكان. وبذلك فقد عرقلت قدرة كل منظمة أو وكالة إنسانية على وضع البرامج وإعادة توجيه الأولويات نحو الحصول على قدر أكبر من الوصول والموارد بدلا من خدمة المستفيدين بشكل غير منحاز.
كما يوضح تقرير صحيفة صحيفة نيويورك تايمز بعنوان : الأسد يستغل “دبلوماسية الكوارث“، من أجل العودة للظهور مرةً أخرى على الساحة الدولية. وتنقل الصحيفة عن محلل شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن إميل حكيم، قوله: “ليس هناك شك في أن هذه لحظة جيدة للأسد، مأساة السوريين نعمة للأسد”.
إن ما ورد سابقا وشرحنا لموضوع العقوبات المفروضة على النظام السوري و تفصيلها بشكل قانوني يؤكد أن العقوبات لم تتعرض مطلقا للمساعدات الإنسانية و إنما تذرع النظام و الدول الداعمة له يهدف منه رفع العقوبات بما يتعلق بأموال إعادة الإعمار و تحرير الاصول الموجودة في البنكوك الأوربية والأمريكية العائدة للنظام السوري و استفادته من تصدير النفط ليرفد خزانته و ترسانته العسكرية ليوجهها لقتل ما تبقى من الشعب السوري ولا أدل على ذلك ما إن دخلت المساعدات إلى مناطق سيطرة النظام السوري حتى ظهرت الفضائح بتوثيق الموالين للنظام كيف يتم سرقة هذه المساعدات فقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور و فيديوهات تبين ان هذه المساعدات أما تباع في الأسواق أو تستبدل بمواد منتهية الصلاحية و تتهم المسؤولين عن توزيعها بالفساد و هذا لا يستغرب حسب ما تم ذكره سابقا فهذا التاريخ الأسود الذي يوسم النظام السوري و أجهزته الأمنية و مؤسساته الحكومية المستشري فيها الفساد من سرقة المساعدات الإنسانية السابقة التي قدمت للسوريين لن يختلف التعامل كثيرا مع هذه المساعدات و إن كانت جاءت بظروف كارثة إنسانية لكن هذا لن يغير واقع الحال وهذا ما يؤكده الزيارة التي قام بها رأس النظام السوري بشار الأسد لأحدى المناطق المنكوبة بسبب الزلزال في مدينة حلب و ابتسامته البلهاء أن هدف هذا النظام هو استغلال كوارث ومأساة السوريين لأغراض سياسية تضمن بقائه حاكما فوق انقاض السوريين